فعرفها وإنما كان ذلك لنكتة بديعة وهي أن العربية، كما قلنا، محتملة للوجهين، فأخذ الصحابة بالأحوط في التحريم، وقد كانوا إذا تعارضت عندهم الأدلة فجاء دليل لتحريم ودليل لتحليل غلَّبوا التحريم احتياطاً، كما قالوا في الأختين بالملك باليمين أحلتهما آية وحرمتهما آية (?) والتحريم أولى فصار لتحريم أم المرأة ثلاثة أحوال كلها لا تجوز عندنا ..
أحدها: بالعقد على البنت.
والثانية: بالدخول على البنت.
والثالثة: بأن يعقد نكاح امرأة لها أم ثم يعقد نكاح الأم بعد ذلك فيصيبها فتحرمان عليه جميعاً لأن الأُصابة وقعت بشبهة النكاح.
فعلى هذا التنويع كان التبويب فأما إذا كان الزنا بالمرأة وأمها فقد قال مالك، رضي الله عنه، في موطئه، الذي صنَّفه بيده وكتبه للناس بنفسه وقرأه عليهم طول عمره: إن الزنا لا يحرم (?)؛ فإن الحرام لا يحرم الحلال وإن كان قد أفتى لبعض أصحابه في المجالس بالتحريم، حسب ما قاله أهل العراق (?)، والمسألة مشهورة في الخلاف بين العلماء؛ ولكن الصحيح عند الله أن الزنا لا يوجب حرمة لأن الله تعالى جعل المصاهرة منَّةً عدَّدها على الخليقة فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا