والبازي. وفي الحديث الصحيح كما قدمناه كله "مَا لَمْ يَبتْ"، ومحمله والله أعلم على أنه لم تنفذ مقاتله. وفي البخاري في رواية "إِنْ وَجَدْتَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلْهُ مَا لَمْ يَنْتنْ" (?)، وهذا محمول على أنه أنفذت مقاتله وأما زيادة النسائي "مَا لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ سَبَعٌ" فإن السهم إذا أنفذ المقاتل لم تبالِ عن أكل السبع بعد ذلك، وإن لم تنفذ المقاتل فيحتمل أن يكون السبع هو الذي قتله، وكذلك القول في الصيد الغريق مثله، وقد روي في بعض الطرق عن عدي بن حاتم عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (أنَّهُ قَالَ: كُلْهُ مَا لَمْ يَبِتْ فَإِنَّ الْلَّيْلَ خلق مِنْ خَلْقِ الله عَظِيمٌ وَلاَ تدْري مَا أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ) (?) , والقول في أيضاً مثله؛ والمعنى في ذلك أن الأصل التحريم والذكاة مبيحة، فمتى ما وقع الشكّ فيها بقي الحظر على أصله، والذي أراه أنه إذا وجد فيه سهمه وطلبه ولم يدركه حتى مات أو بات ولم يجد فيه أثر سبع ولا ماءً أكله لأنه لا يمكنه في التذكية أكثر من هذا. وأما قوله في الحديث "إِنْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَاذْبَحْهُ" فصحيح؛ لأن قتل الصيد إنما هو بدل عن العجز لعدم القدرة، فإذا قدر على الذكاة الأصلية لزمه فعلها، وأما إن كان الكلب غير معلم فلا بد من الذكاة لأن المقصود من الكلب الذي ليس بمعلم حبسه لا ذكاته. وأما قوله في الحديث "وَإِنْ وَجَدْتَ مَعْ كَلْبِكَ كَلْباً آخَرَ فَلَا تَأْكُلْهُ" إلى آخره فإنه لا يؤكل، وهذا الحديث هو الأصل في اشتراط النية في الصيد والذكاة؛ لأنه قال له "إنَّمَا ذَكَرْت اسْمَ الله عَلَى كَلْبِكَ" فلو كان ذلك الكلب الآخر لرجل سواه سمى وأشلاه ولم يعلم أحدهما بالآخر كانا شريكين فيه وأكلاه وليس من شرط الاشتراك أن يتفقا على ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015