" تبيين مشكل"

فإن أكل الكلب منه، فقال سعد بن أبي وقاص: كُلْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا بُضْعَةٌ وَاحِدَةٌ (?)، وعن مالك، رضي الله عنه، في ذلك روايتان (?)، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، في ذلك محمول على أحد وجهين: إما أن يكون في أول التعليم، وإما أن يحمل على الكراهية بدليل حديث أبي ثعلبة: قَالَ لَنَا الْخَطِيبُ أبو الْمُطَهِّرِ الْهَمَدَانِي (?) قَالَ أَبُو بَكْرٍ شَيْخنَا (?) الْجَحْدِي وَغَيْرُهُ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ مِنَ الصَّيدِ لاَ يُقَالُ إِنَّ التَّعْلِيمَ قد بطل؛ لأن الأكل الذي وقع من الكلب قد يكون لفرط جوع أو لنسيان، والعالم الماهر قد ينسى المسألة حتى لا يبقى لها في قلبه أثر فكيف البهيمة، فإن خرق المحدد الصيد فإن قطعه نصفين أكله كله، وإن أبان الأقل أكل الأكثر، والذي عندي أنه إن كان الأقل الذي أبين مما لا حياة معه أكل الكل، وإن كان تبقى بعده الحياة أكل الأكثر إكمالاً كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله} (?) الآية. اختلف العلماء في صيد الكتابي فقال في الكتاب لا يؤكل صيده وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} ليس بمعارض لقوله {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} فإن هذه الآية في طعام الكتابيين عامة في الصيد وغيره، وآية الصيد خاصة غير منافية لهذه العامة، وإنما يُقضى بالخاص على العام إذا تعارضا، وأيضاً فإن الآية إنما نزلت في الذين آمنوا لأجل بيان حكم الحل والحرام وذلك يختلف الحال فيه على المسلم دون الكتابي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015