قال إنه ليس مثل الأول ورواه بعضهم عن مالك (?) وهو رد للعربية وحط لمرتبة الحرم في الشريعة؛ فإن منزلة الحرم كمنزلة الإحرام في وجوب الاحترام وقوله {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} يقال فيه أحرم الرجل إذا تلبّس بالإحرام كما يقال أحرم الرجل إذا دخل الحرم، وكما يقال أحرم إذا دخل في الشهر الحرام ومن هذا قوله:
قتلوا الخليفة ابن عفان مجرماً ... فدعا فلم ير مثله مخذولا (?)
يعني أنه كان في البلد الحرام، وهي المدينة، وفي الشهر الحرام، وهو ذو الحجة فلا ينبغي أن يشتغل بتلك الرواية ..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَمْسُ فَوَاسِقٍ يُقْتَلْنَ في الْحِل وَالْحَرَمِ" (?)، فذكرها، واختلف الفقهاء في إلحاق غيرها بها وَاعَجَباً لمن يلحق الجصى بالبر (?) في الربا ولا يلحق الفهد والنمر والذيب (?) بهذه، وقد نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم -، في هذا الحديث على العلة، وهي القسق، ولم يتعرَّض لعلة الربا في البر بتنبيه ولكنه فهم من ذكر الأعيان الأربعة التنبيه على أمثالها فههنا أولى، ولا وجه لقول من قال: إن من يبتدئ الأذاية بخلاف من لا يبتديها لأن من كانت الأذاية في طبعه فواجب قتله ابتدأ أو لم يبتدئ لوجود فسقه الذي صرَّح النبي - صلى الله عليه وسلم -، به. ألا ترى أن الحربي يقتل ابتدأ بالقتال أو لا لاستعداده لذلك ووجود سببه