الموطّأ وأسند في الصحيحين، وفي كل كتاب قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، للأعرابي (?): (انْزَعْ قَمِيصَكَ وَاغسِلْ عَنْكَ أثَرَ الطِّيب أوِ الصُّفْرَةِ) (?)، فتعارض ها هنا على هذا الوجه قوله وفعله فوجب الرجوع إلى قوله لأنه قال في حالة فعله، وهذه نكتة بديعة فافهموها.
إذا ثبت هذا فقد روي في الحديث الصحيح أن أعرابياً وقصت به ناقته في لحافين جردان (?) فسقط فوقص فمات فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "كفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ وَلَا تُغَطُّوا رَأسَهُ وَلَا تَمَسُّوهُ طِيباً فَإنَّهُ يُبعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبياً" (?) قالت جماعة منهم (ش): كذلك يفعل بكل محرم لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ذكر الحكم وهو منع الطيب وستر الرأس وذكر العلة وهو بقاء الإحرام فوجب أن تطرد (?). قال علماؤنا: إنما يكون ذلك إذا كانت العلة مشاهدة أو في حكم مشاهدة (?)، فأما إذا كانت غائبة فلا يطرد الحكم بها. وقوله: "يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبياً" أمر مغيب لا يعلمه إلا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولسنا نعلم أن كل محرم يبعث (ملبياً) (?). وفات علماء الشافعية ها هنا نكتة وذلك أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، جعل علة منع الطيب التلبية يوم القيامة (?) معلولاً للموت على الإحرام فحينئذ كنا نحكم به لكل محرم، وقد أشار مالك، رضي الله عنه، إلى كلمة ذكرها من قبل نفسه وهي من حديث صحيح (?)، حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك قوله: "إنَمَا يَعْمَلُ الْرَّجُلُ مَا دَامَ حَيّاً فَإِنْ مَاتَ انْقَطَعَ عَنْهُ الْعَمَلُ" (?)