أراد تجب بالجناية على الإِصبع خمس من الإبل، وتجب بملك خمس من الإبل شاة.
الثاني: هبكم أنا قلنا أراد بقوله في مالية خمس من الإبل شاة فعدلنا عن الظاهر لاستحالة وجو الشاة في الإبل فلم نعدل عن الظاهر في الشاة بل نقول في قدر مالية خمس من الإبل شاة نفسها، وأما الحكمة فإن الله تعالى بفضله ضَمِنَ الرزقَ لعباده فقال {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} (?)، ثم خلق الرزق والقوت في الأرض فخص بإرادته، وقدرته بملكه، بعض من ضمن له الرزق من خلقه، ثم أوعز إلى الغنى، الذي خصه بملكه، أن يعطي الفقير قدراً معلوماً من قوته تحقيقاً لضمانه ووفاءً بعهده وتوكيلاً منه إلى الغني في أداء ما وجب عليه بفضله من ضمانه للفقير من رزقه حتى يشترك الأغنياء والفقراء في جنس الأعيان المملوكة فتكون غنم بغنم، وبقر ببقر، وإبل بإبل، وذهب بذهب، وورق بورق، وحب بحب، وتمر بتمر فيعم الاختصاص ويتحقق الاشتراك وينجز الوفاء بالعهد.
مقدمة لا خلاف في وجوبها: فلا معنى للإطناب فيه وجلب الآثار عليه، وهي تجب بستة شروط: الحرية والملك، وبشرط أن يكون تاماً، والحول والنصاب ومجيء الساعي، وليس من شرطها الإِسلام, لأنه ليس في مذهب مالك، رضي الله عنه، خلاف أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع، وليس من شرطها البلوغ والعقل؛ لأنه لا خلاف بين المالكية أنها تجب على الصبي والمجنون. أما الحرية فاجتمعت عليها الأمة حتى نشأ بعض المبتدعة فقال إن العبد تجب عليه الزكاة (?). قلنا: وإن كان العبد عندنا يملك فإنه ليس بملك مستقر؛ إذ لسيده انتزاعه كل يوم فلم يثبت له قِدَم لحظة فكيف أن يمر عليه الحول. فإن قيل كما لم يثبت له قِدَم في الاستقرار ويطأ جواريه عندكم كذلك يؤدي الزكاة؛ فإن إباحة الفرج أعظم.