قال ابن الأبّار إن الإِمام الزاهد أبا عبد الله بن مجاهد الأشبيلي لازم القاضي ابن العربي نحوًا من ثلاثة أشهر ثم تخلّف، فقيل له في ذلك فقال: كان يدرس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السلطان. [نقلاً عن المقري في نفح الطيب 29/ 2].
ونقل الذهبي عن أبي يحيى اليسع بن حزم أنه وُلِّي القضاء فمُحِنَ وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة ويأتي بما أجراه عليه القدر النوم والسنة، وما أراد إلا خيراً. نصب السلطان عليه شباكه وسكن الإدبار حراكه فأبداه للناس صورة تذم وسورة تتلى لكنه تعلَّق بأذيال الملك ولم يجرِ مجرى العلماء في مجاهدة السلاطين وحزبهم بل داهن. [سير أعلام النبلاء 20/ 202].
وهناك مظهر آخر من مظاهر سخط العلماء عليه وإنكارهم عليه، وإن كان بغير حق. يقول الذهبي: قرأتُ بخط ابن مسدي (?)، في معجمه، أخبرنا أحمد بن محمَّد بن مفرج (?) النباتي سمعت ابن الجد الحافظ وغيره يقولون حضر فقهاء أشبيلية فتذاكروا حديث المِغْفَر فقال ابن المرخي (?): لا يُعرف إلا من حديث مالك عن الزهري (?). قال ابن العربي: قد رويتُه من ثلاثة عشر طريقاً غير طريق مالك، فقالوا أفدنا هذا فوعدهم ولم يخرج لهم شيئاً وفي ذلك يقول خلف بن خير الأديب (4):
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم ... بالبر والتقوى وصية مشفقِ
فخذوا عن العربي أسمار الدّجى ... وخذوا الرواية عن إمام متَّقِ
إن الفتى حلو الكلام مهذب ... إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلقِ
قال الذهبي، تعقيباً على هذا القول، قلت: هذه حكايته باردة لا تدل على تعمُّد،