حديث: قال أبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه، قال رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ (?) فَلْيُوتِرْ". عقَّب مالك، رضي الله عنه، حديث عبد الله بحديث أبي هُرَيْرَة ليبيِّن تأكيد المضمضة والاستنشاق (?)، وأن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، كما فعلهما فعلاً فكذلك أمر بهما قولاً. وقد اختلف عن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فروي عنه أنه تمضمض واستنشق من غرفة واحدة (?) وذلك كما بيناه يختلف بحسب اختلاف كثرة الماء وقلته وحاجة العضو إلى النظافة واستغنائه لا أن التعديد فيهما سنة كما توهّمه بعض الناس.
وأما قوله: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ" فإنه يعني بذلك أن يكون بحجر واحد، أو ثلاثة، أو خمسة ولا يكون بالشفع؛ فإنَّ النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، كان يحب الوتر في أفعاله (?) كلها. وقد روى مسلم (?): "الِاسْتِجْمَارُ توٌّ وَالطَّوَافُ تَوٌّ" يعني وِتراً، واختلف الناس في التطيُب هل هو مثله أم لا؟ فكان مالك، رضي الله عنه، إذا أراد أن يتجمَّر طيباً كسر العود ثلاث كسر حتى يكون وتراً، وروى بعض أصحابه أن أعرابياً قال له: إنا نسمي استعمال الحجارة في الغائِط استجماراً فرجع إليه (?)، ومالك كان أوسع حوصلة من أن يكون ذلك الأعرابي يلقنه أن استعمال الحجارة هناك يسمى استجماراً، وإنما أصغى إليه مالك، رضي الله عنه, لأنه رآه يقتصر على ذلك الوضع، ولم يفهم حمله على العموم للفظة المشتركة في الطيب