الجمع بينهما ينبني على مسألة من اللغة وهو أن الفعل يسمى بأوله وهل يسمى بآخره أم لا؟ ذلك كثير فيها كتسمية الظل في أول النهار فيئاً، وتسمية القافلة في خروجها قافلة، إلى كثير من أمثال هذا. فإذا وضع يديه على ناصيته وأخذ بهما إلى قفاه كان هذا إقبالاً لأنه ابتدأ من القبل، وصح أن يسمى إدباراً بمثل ذلك التقدير إذا بدأ بالمسح من القذال (?) راجعاً، ولما خَفِي هذا على بعض علمائنا أنشأ في صفة مسح الرأس هيئة غريبة فقال يضع يديه على الفودين (?) مع القمحودة (?) ثم يمشي بهما كذلك الرأس كله ثم يعود حتى يرجع إلى المكان الذي بدأ منه وهذا لا معنى له ويرده قوله في الحديث فبدأ بمقدم رأسه وهذا نص.
كلّ من روى وضوءَ رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، من الصحابة، رضوان الله عليهم، قد ذكر مسح الرأس وسكتوا عن الأذنين إلا ابن عباس والرُّبَيِّع بنت معوذ ابن عفراء، أما ابن عباس فرواها مطلقاً فقال: مسح رأسه وأذنيه، وأما الربيع فقيدت وقالت: فمسح رأسه وأمسك مسبحتيه لأذنيه. وقد اختلف العلماء (?) في تجديد الماء لهما أو مسحهما بماء الرأس اختلافاً أوجب سكوت الصحابة عن نقلها، والصحيح وجوب تجديد الماء لهما لأنهما ليستا من الرأس لا في الصفة، ولا في الحكم، وقد استوفينا ذلك في مسائل الخلاف.