رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يحتاجون إليه ويحتمل أن يكون سألوه ما يستغنون عنه لكن بوجه من الحاجة يحسن توقعه كسؤال الرجل له الحلة التي يراها عليه وهو مستغن عنها لتكون كفنه، والاحتمال الثاني أغلب لقوله - صلى الله عليه وسلم - بعد ما نفد ما عنده: (ومن يستعفف يعفه الله) والعفاف هو الكف عما يعرض من الأمل تعلق بدين أو بدن أو أمل وكذلك قال من يستغني يريد بعز الطاعة وحرية النفس لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الغنى كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس) (?) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من تصبر صبره الله) إشارة إلى من غلبته الحاجة فليتكلف وليتعاط (?) أمثالها من الصَّبر هذا في الانتفاع ومثله في الاستدفاع في مكروهٍ يعرض أو بلاءٍ ينزلُ فليتصبر له وليعطه من الصبر والأصل في التعفف عن الانتفاع كثير من فنونهِ ما روي عن عيسى عليه السلام: أنه اضطجع ووضع تحت رأسه حجراً يرفعه عن الأرض ليعتدل له به وزن الضجعة فمرّ به إبليس قال له: يا عيسى أنت تزعمُ أنك تترك الدنيا فما بالك استعنت بالحجر؟ فرمَى به إليه، وقال: خذه إليك ووضع رأسَه على الأرض، والأصل في الاستدفاع فنون كثيرة أعظمها حال أيوب فإنه نزل به البلاء فيُروى أنه ما سأل ربه قط كشفه لحظة في زمن بلائه اللهمَّ إلا إنه لما اشتد به الكرب قال: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (?)، وما سألَ الكشفَ ويقولُ أهل التفسير أنه ما قال هذه الكلمة مع لينها إلَّا حين مست الدود قلبه، فلما شغله ذلك عن ذكر الله في قوله مسّني الضر (?) يُريدُ في ديني وأما بدنه فما سألَ قط عنه ثم قال: وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر، وفي بعض الأخبار: الصبرُ نصفُ الإيمان (?)، وأنا أقول إنه الإيمان كله. قال علماؤنا رحمهُم الله، إنما قال الصبر نصف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015