والثاني: ورد النهي مطلقًا من غير تخصيص (?) بقعةٍ، وجعل - صلى الله عليه وسلم - الطفيتين والأبتر علامة على الإذالة الجبليّة الموجبة للقتل ابتداءً لأنّ الحيوان على قسمين:
منه ما جبلته الإذاية فهذا يقتل ابتداءً كما سبق.
ومنها ما لا يؤدي إلا عَرَضًا فهذا لا يقتل إلا أن ينشىء الإذاية كالجمل الصؤول والكلب العقُور.
أدخل مالك رضي الله عنه هذه الترجمة، ولم يدخلها أئمة التصنيف في أكثر وهو باب كبير، وله فصولٌ كثيرة، ومسائل متعلقة يجمعُها أن السفر على قسمين هرب أو طلب، وينقسم من جهة أقسام أحكام المكلفين إلى عددها الخمسة، فالقسم الأول هو قسم الهرب وينقسم إلى ستة أقسامٍ.
الأول: الخروج من دار الحرب إلى دار السلام، وقد كانت فرضًا في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم -، يتعين على الخلق أن يهاجروا إليه، حيث كان. ثم انقطعت تلك الهجرة بفتح مكة، وبقي الخروج من أرضِ الحرب دائمًا، فإن بقي في دار حربٍ فهو آثم.
الثاني: الخروج من أرض البدعة.
قال ابن القاسم: سمعتُ مالكًا يقول:"لا يحلُّ لأحدٍ أن يقيم بأرض يُسبُّ فيها السلف"، وهذا صحيح فإن المنكر إذا لم تقدر على تغييره لم يحلْ لك أن تجالس صاحبه. قال تعالى: {وإذا رأيتَ الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} إلى قوله {الظالمين} (?) وقال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات