حجبَ الله تعالى الأم من الثلث إلى السدس بالولد الواحد وبالأخوة الجميع واختلف الصَحابة في تقديرهم فصَارت جملتهِم إلى أنه يحجبها الإثنان فصاعدًا وأبى ذلك ابن عباسٍ ووقعت بينَه وبين عثمان مفاوضة، فقال له في ذلك عثمان: إن قومك حجبوها. وقد بيّناها في كتاب الأحكام (?) ومسائل الخلافِ، ويكفي الآن في هذه العجالة ما راجع به عثمان لابن عباس من فهمِ قريش الذي نزلَ القرآن (?) بلغتهم أما إن في ذلك مسألة بديعة من أصول الفقه، وهي تخصيص العموم بالعمومِ، فإن قوله: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} يقتضي بإطلاقه ثلاثاً إذ هو اليقين في الجمع وكون ضم الواحد إلى الآخر جمع بعمومه أيضاً معَارض له فتركوا أحد الجمعين بالآخرِ وقطعوا حظ الأم من تكملة فرضها لأنه ينقطع بالواحد في طريقِ البنوة فكيف لا ينقطع بالاثنين في طريقِ الأخوة إذ كان الواحد في البنوة يقيناً، وكان (?) الثلاثة في الأخوةِ يقينًا آخر، وكان الاثنان في موضع الاحتمالِ، فرجح اعتبارهما بالنظرِ الذي سبَقَ.
قال الله تعالى في ذكرِ البنات، {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} فذهب ابن عباسٍ إلى مخالفة الناس، فقال إن البنتين يأخذان النصف بينهما فرضاً لأن الله تعالى جعلَ الثلثين لما (?) كان فوقَ اثنتين جرياً على طريقهِ في الأخوةِ للأم في إلحاق الاثنين بالواحد، لأن الأصل عدم الزيادة على النصف فيجري على الأصل حتى تثبت (زيادة) (?)