وقد رجحنا في مسائل الخلاف وكتاب الأحكام (?) مذهبنا على مذهب ابن عباس من خمسةِ أوجهٍ عمدتها أن الله تعالى لما ذكرَ الواحدة من البناتِ والواحدة من الأخوات أعطى لكل واحدة منهما النصفَ ولما ذكر البنات الجماعة أعطاهنَّ الثلثين ولم يذكر البنتين، ولما ذكر الأخوات بين حكم الثلثين في الاثنتين منهما فما زاد فوجبَ أن يكونَ ذلك تنبيهاً على أن البنات بهذه المرتبة أولى لأنهن عصبة معهن، وزاد الله حكمة أخرى وهي أن تلحق البنتان بالأختين في الثلثين، وأن الأخوات تُلحقُ بالبناتِ في الثلثين حتى يكون من الفرائِض ما يقعُ التعبُد فيه بالخبر وما يقع التعبُد فيهِ بالقياس.
اقتضى قوله تعالى {فِي أَوْلَادِكُمْ} العموم بالطبقاتِ منهم كما قدمنا واتفقت الأمة على أنه لا يلحقُ ولد الولد بالولد لتقدم السبب الأول وعدم المحل الذي يثبت فيهِ الحكم باستيفاء الأول للمالِ كله بسبَبِه الذي أدلى به، فأما الإناث منهم فإن الله تعالى فرضَ على لسانِ نبيهِ للدرجَة الثانية مع الدرجة الأولى السدس تكملة الثلثين وكان الجميع بنات صلبٍ تفاضلوا بقوة الأسباب في السهامِ، فإذا استوفى الأول الثلثين سقط أهل الدرجة الثانية مع وجودِ السبَب لعدم المحل وهو التسهم ويبقى لهن حق التعصيب إن كان معهن من يرد عليهن وذلك إجماع من الأمة فلا معنى لتَعليله.
عقدَ مالك هذه الترجمة ثم عقد ترجمة الكلالة، والترجمتان مرتبطتان،