عيدٍ أو لحادث يحتاجونَ إلى التبرز له فسرقَ سَارق من المنزل حينئذٍ وجب عليه القطع إجماعاً، وليس هناك حافظ ولا بصر لاحظ، وأما القبرُ فإنه حرز، قرآناً وسنةً وعادةً، أما القرآن، فقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً (?) وَأَمْوَاتًا} فامتنَّ علينا سبحانه بأن جعل الأرض كفاتاً لنا في حالةِ الحياة والموتِ، وسوى بين الموضعين، ووجدت المنفعة بذلك في الوجهين من الاكتناز والاستتارِ حالة المحيا والممات، وأما السُنة ففي الحديث: لعنَ الله المختفي والمختفية (?)، وأما العادة فلأن الحرز في الأشياء باتفاقٍ ليس باباً واحداً وإنما هو في كل شيء يقدره على حاله المختلفة فيه كالجرين للتمر (?) والتكوير للعمامةِ والتلفيح للرداءِ والخميصة والدرج والكيس للمال العين، والقبر للكفن، وأما قوله إنه بناه على أصلهِ في كل مالٍ عرض للتلف، فقد حرَّرنا ذلك الأصل فيما تقدم، أما ما وراء النهر من أصحابه اعتمدوا على أن الكفن مال لا مالك له، قالوا وإذا لم يتعين المالك الواحد من جملة الملاك للمال لم يجب على من سرق منه قطع كمال بيت المال، فكيفَ إذا لم يكن له مالك، والموت يبطل الملك، وتبقى الصلاحية له، وهذا من أغمض كلامهم. قلنا: الموت يبطل الملك كله إلّا الكفن كما أن التفليسَ يرفع يد المالك عن كلِ مالٍ له إلّا ثوبه الذي يستتر بهِ، والحكمة في ذلك لأن الله تعالى جعَل الملك في الدنيا على وجهين: ملك ضرورةٍ وحاجةٍ كالكسرة الواحدة والثوب الواحد، وملك متاعٍ ولذةٍ كالتبقي من الدنيا والتكثير منها فما استمر الأصل به ولم تقع المضايقة ملك بالوجهين، وإذا وقعت المضايقة كتزاحمِ الغرماء معه على حقوقهم ارتفعت اللذة وبقيَ ملك الحاجة، وكذلك إذا انقطع الأمل عن الدنيا بقي ملك الحاجةِ وحده وهو الكفن (?).

المعقد الثامن

المعقد الثامن: قال الشافعي: ليس إيجاب القطع بمسقطٍ للغُرم لأنهما حقانِ لمستحقين بسببين مختلفين في محلين متغايرين، فجاز أن يجتمعا أصله الدية والكفارة. وقال أبو حنيفة لا يجتمعُ الغرم والقطع وتعلقَ العراقيون من أصحابه بقولهِ تعالى: {فاقطعوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015