فاستناب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السادة عليه.
فقال: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم، من أحصن منهم ومن لم يحصن) (?) خرّجه مسلم والنسائي وأبو داود وقال - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح والمتفق عليه، إذا زنَت أمة أحدكم فليحلدها الحد ولا يثرب (?) (?) وهذا نص، وليس للقوم عليه كلام ينفع فلا نطول بذكره في هذه العجالةِ وفي الأحاديث كلام ولبقايا هذا الباب أحكام.
مسائل القذف: لا خلاف أن الله سبحانه جعل الأعراض ثلث الدين في أبواب المنهيات، وصانها بالتغليظ فيها رجماً في الفرج فإنه من العَرضِ وحداً في النسب لأنه سبب من أسباب الأحكام فقال تعالى: (والذين يرمون المحصنات) (?) الآية. فصَانَه بالحدِّ وقصَّر به عَن الزنا ليبين تفاوت المراتب في المعاصي والفحشاء والرمي الذي يوجب الحد كلما عاد إلى الفَرج وغير ذلك فيه الأدب من السب والإذاية إلا أن الشريعة ألحقت حكم الولاء بحكم الفرج في أن جعلتها قطعةً منه لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح (الولاء لحمة كلحمةِ النسب) فإذا وقع النفي فيه جرى الحدَّ عليهِ إنزالًا له في تلك المنزلة وزاد مالك على الفقهاء التعريض، فجعل له حكم التصريح فقال لأنه قول يفهم منه القذف فوجبَ فيه الحد لأن أصله التصريح، لا سيما والكناية عند العرب أبلغ في التخاطب من التصريح وخالف في ذلك الشافعي وأبو حنيفة وفي ذلك منهما عجبان عظيمان، أما أحدهما فلا عذر للشافعي في إسقاط الحد في التعريض لأنه عربي فصيح لم يخف عليه ما في