سَرِيعا وخصوصاً فِي انقباضه أَكثر من سرعَة غَيره على أَن الْغَالِب مَعَ ذَلِك صغر وبطء وتفاوت ودورها دور البلغمية لَا يحلّ قلادها وَيكثر مَعهَا تهيّج الْوَجْه وتربّل الْبدن وألوان أَصْحَابهَا لَا تَسْتَقِر على حَال بل قد تكون مائية ورصاصية وَرُبمَا صَارَت صفراء وَرُبمَا صَار سَوْدَاء وَرُبمَا صَارَت شفاههم كشفاه آكل التوت. وَأما عين صَاحبهَا فكمدة خضرًا يجحظ جدا عِنْد الهيجان من الْعلَّة وَيصير كالمخنوق وَمَا تَحت الشراسيف مِنْهُ شَدِيد الانتفاخ. وَكَذَلِكَ أحشاؤه وَرُبمَا تقيأ حامضاً وَإِذا كَانَ بِهِ ورم فِي بعض الأحشاء فَلَا يُرْجَى الْبَتَّةَ وَقد تعرض هَذِه الْحمى أَيْضا فِي الْأَوْقَات من الصَّفْرَاء الْغَالِبَة الغليظة وَتَكون مَعهَا حرقة فِي الأحشاء وتتقيأ مرَارًا وَيكون لَهَا أدوار البلغمية فِي الْأَكْثَر. فصل فِي الْحمى الغشيية الدقيقة الرقيقة هَذِه حمّى حادة تسْقط النبض وَالْقُوَّة فِي نوبَة وَاحِدَة أَو نوبتين مَعَ تربّل ذَوَباني يحدث فِي الحرّ بِسُرْعَة وَرُبمَا لم تقف مَعهَا الْقُوَّة إِلَى الرَّابِع وَيكون من كيموسات وأكثرها صفراوية شَدِيدَة الرقة والغوص رَدِيئَة الْجَوْهَر سميَّة قد عرض لَهَا التعفن فِي أبدان حارة المزاج يابسة جدا وَأكْثر نَوَائِب هَذِه الحميات غب. فصل فِي الْحمى النهارية والليلية من البلغمية النهارية هِيَ الَّتِي نوائبها تعرض نَهَارا وفتراتها لَيْلًا والليلية بِالْعَكْسِ وَكِلَاهُمَا رَدِيء والنهارية أطول وأردأ يُوقع كثيرا لطولها ولعروضها فِي حر النَّهَار فِي دق وَلَوْلَا أَنَّهَا خبيثة لم تكن لتعرض وَقت انفتاح المسام وتحلّل البخار وَلنْ تعرض إِلَّا لِكَثْرَة الْمَادَّة وقوّتها وَيحْتَاج مَعَ ذَلِك إِلَى أَن يغفو صَاحبهَا لَيْلًا وَلَا يتْرك أَن ينَام على امتلاء معدته ويكلف السهر وَهُوَ مِمَّا يسْقط الْقُوَّة ومقاساة الْحمى فِي حرّ النَّهَار والسهر فِي برد اللَّيْل مِمَّا بالحري أَن يُوقع فِي الدق وَبِالْجُمْلَةِ فَهِيَ من جملَة الحمّيات الْعسرَة. علاج البلغمية: إِن علاج هَذِه الْعلَّة قد تخْتَلف بِحَسب أَوْقَاتهَا أَعنِي الإبتداء والإنتهاء والإنحطاط وبحسب ظُهُور النضج فِيهَا وخفائه وتختلف بِحَسب موادها أَعنِي البلغمية الحامضة والبلغمية الزجاجية والبلغمية المالحة والحلوة وَجَمِيع أصنافها تشترك فِي وَقت الِابْتِدَاء فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: فِي وجوب التليين المعتدل والقيء وَفِي وجوب اسْتِعْمَال الملطّفات والمقطّعات والمدرّات. وَكلما يَأْتِي على الحمّى ثَلَاثَة أَيَّام ترق فِيهَا الْمَادَّة بِسَبَب الْحمى وَقبل ذَلِك تحرّك وتؤذي وَلَا تفعل شَيْئا وَفِي الِاسْتِظْهَار بتلطيف التَّدْبِير على الِاعْتِدَال وَرُبمَا اقتُصر على مَاء الشّعير فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام الأول رَجَاء أَن يكون مُنْتَهَاهَا أقرب إِمَّا لرقة الْمَادَّة أَو لقلّتها وَلَو علم يَقِينا أَن مُنْتَهَاهَا متباطىء لم يلطف التَّدْبِير.