القانون في الطب (صفحة 1615)

لِأَنَّهُ كثيرا مَا يتحلّل مِنْهُ بخار لم يعفن وَلكنه يصعد ويتصل للحرارة وتصحبه الْحَرَارَة مُدَّة قَليلَة ثمَّ تزايله مزايلتها بخار المَاء المسخن فَإِذا زايلته وَكَانَ فِي الأَصْل قبل العفونة شَدِيد الْبُرُودَة يعود ويبرّد الْبدن. وَأما أَنَّهَا كَيفَ تكون صفراوية فَهُوَ أَن الصَّفْرَاء إِذا كَانَت قَليلَة وباطنة وعفنت وسخنت الْموضع وَلم يتَحَلَّل مِنْهَا شَيْء عرض مَا قُلْنَا فِي نظيرها من البلغم وَقد تسمى هَذِه فَأَما ليغوريا فَهُوَ اسْم الْجِنْس وَهِي أطول مُدَّة من شطر الغب. وَلقَائِل أَن يَقُول: كَيفَ تكون الحمّى وَلَا تنبعث فِيهَا الْحَرَارَة من الْقلب إِلَى جَمِيع الْبدن وَالَّذِي تصفونه فَهُوَ من قبيل مَا لَا تنبعث فِيهَا الْحَرَارَة من الْقلب فِي جَمِيع الْبدن. فَالْجَوَاب: أَن حُدُود هَذِه الْأَشْيَاء يعْتَبر فِيهَا شَرط أَن لَا يكون مَانع مثل مَا تحد المَاء بِأَنَّهُ الْبَارِد الرطب أَي إِذا خلي وطباعه وَلم يكن مَانع وتحدّ الثقيل بِأَنَّهُ الهاوي إِلَى أَسْفَل إِذا خلي وطباعه وَفِي جَمِيع هَذِه فَإِن الْحَرَارَة تبلغ إِلَى الْقلب وتنبعث فِي الشرايين وتنتشر لَكِن يعرض مَا يمْنَع من ذَلِك فِي بعض الْمَوَاضِع كَمَا يعرض لَو وضع الجمد عَلَيْهِ وَأما أضرارها بِالْفِعْلِ فَلَا بُد مِنْهُ. فصل فِي الحمّى الَّتِي يكون فِيهَا كل وَاحِد من الْأَمريْنِ فِي كل وَاحِد من الْمَوْضِعَيْنِ مثل هَذِه الْحمى إِن كَانَ فَإِنَّمَا يكون حَيْثُ تكون مادتان باردتان تتحركان بِسَبَب التعفن إِحْدَاهمَا فِي الْبَاطِن وَالْأُخْرَى فِي الظَّاهِر وَلَيْسَ وَلَا وَاحِدَة مِنْهُمَا كَثِيرَة فَاشِية ثمَّ إِذا أخذتا تتعفنان أرْسلت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بخاراً حاراً يطِيف بنواحيها وَحَيْثُ هُوَ فبارد وَقد علمت السَّبَب فِي تحير الْخَلْط الْبَارِد فِي حَال الْحَرَكَة فَاعْلَم جَمِيع مَا قُلْنَاهُ. فصل فِي الحمّى الغشيية الخلطية هِيَ فِي الْأَكْثَر بِسَبَب بلغم فج تخمي متفرق كثير قد قهر الْقُوَّة وَفِي الْأَكْثَر يعين غائلتها ضعف فِي الْمعدة إِذا تحرّك وَأخذ فِي العفنة قهر الْقُوَّة أَكثر وَجعلهَا متحيرة إِن تركت والمادة لم تف بهَا وَإِن اشْتغل باستفراغها بِرِفْق عَصَتْ أَو تحركت حَرَكَة خانقة للقوة وَإِن اشْتغل باستفراغها بإسهال أَو فصد بالعنف لم تحْتَمل الْقُوَّة وَكَيف تدَمل وَهُنَاكَ مَعَ سكونها غشي وَمَعَ هَذَا كُله فَإِن حَاجتهم إِلَى الاستفراغ شَدِيدَة وَأَيْضًا فَإِن حَاجتهم إِلَى الْغذَاء شَدِيدَة لِأَن أخلاطهم لَيْسَ فِيهَا مَا يغفو الْبدن فينعشه وَالْبدن عادم للغذاء فَإِن تكلّف التغذية زَادَت الْمَادَّة الباهضة وَإِن لم يغذ سَقَطت الْقُوَّة ويعرض فِي ابتدائها أَن ينصبّ إِلَى الْقلب شَيْء بَارِد يحدث الغشي فيصغر النبض ويبطؤ ويتفاوت ثمَّ أَن الطبيعة تجتهد فِي تسخين الْمَادَّة تلطيفها. والعفونة الَّتِي حركت بعض أَجْزَائِهِ تعين عَلَيْهِ فيتخلص الْقلب من ضَرَر برده وَيَقَع فِي ضَرَر حره فَيصير النبض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015