القانون في الطب (صفحة 1591)

الحاد أولى لِأَنَّهُ لَا معِين للنضج وَفِي يدك الاستفراغ مَتى شِئْت فعلته الطبيعة أَو لم تفعل فقد عرفناك خطأه بل إِذا خفت سُقُوط الْقُوَّة فالتغذية أولى وَمن الْأَبدَان أبدان مرارية تَقْتَضِي تدبيراً مُخَالفا لما قُلْنَا وخصوصاً إِذا كَانَت مُعْتَادَة للْأَكْل الْكثير فَإِنَّهُم إِذا لم يغذوا وَلَو فِي نفس ابْتِدَاء الْحمى بل فِي أصعب مِنْهُ وَهُوَ وَقت الْمُنْتَهى لم يخل حَالهم من أَمريْن لأَنهم إِن كَانُوا ضِعَاف القوى غشي عَلَيْهِم فماتوا قَرِيبا وَإِن كَانُوا أقوياء وَقَعُوا فِي الذبول وَظَهَرت عَلَيْهِم عَلَامَات الذبول من استدقاق الْأنف وغور الْعين ولطوء الصدع وَرُبمَا غشي عَلَيْهِم قبل ذَلِك لما ينصب إِلَى معدهم من المرار اللاذع. وَمن النَّاس من هُوَ موفور اللَّحْم لكنه إِذا انْقَطع عَنهُ الْغذَاء ضعف وهزل فَلَا يحْتَمل منع الْغذَاء وكل من حرارته الغريزية قَوِيَّة جدا كَثِيرَة أَو حرارته الغريزية ضَعِيفَة جدا قَليلَة فَلَا يصبر على ترك الْغذَاء. وَمِنْهُم من يُصِيبهُ وجع وألم فِي معدته وصداع بالمشاركة وَهَؤُلَاء من هُنَا الْقَبِيل وَهَؤُلَاء رُبمَا اقتنعوا بِمَاء الشّعير وَرُبمَا احتاجوا أَن يخلطوا بِهِ عصارة الرُّمَّان وَنَحْو ذَلِك ليقوي فَم الْمعدة وَرُبمَا احتجت أَن تقيئه بالرفق قبل الطَّعَام وَكثير من هَؤُلَاءِ إِذا ضعفوا وَكَاد يغشى عَلَيْهِم فالسبب لَيْسَ شدَّة الضعْف بل انصباب المرار إِلَى فَم الْمعدة. فَإِذا سقوا سكنجبيناً ممزوجاً بِمَاء حَار كثيرا وَشَرَابًا ممزوجاً بِمَاء كثير قذف فِي الْقَذْف أخلاطاً َ صفراوية واستوت قوته فَإِذا تطعم شَيْئا من الربوب القوابض سكن والمشايخ والضعفاء وَالصبيان من قبيل من لَا يصبر على الْجُوع. وَأما الكهول فهم شديدو الصَّبْر ويليهم الشبَّان وخصوصاً المتلززو الْأَعْضَاء الواسعو الْعُرُوق فِي الْهَوَاء الْبَارِد وَكَثِيرًا مَا يُخطئ الْأَطِبَّاء فِي أَمْثَال هَؤُلَاءِ المرضى من وَجه آخر وَذَلِكَ لأَنهم يمنعونهم الْغذَاء فِي أول الْأَمر فَإِذا شارفوا الْمُنْتَهى وَعَلمُوا أَن الْقُوَّة تسْقط غذوه فِي ذَلِك الْوَقْت ضَرُورَة فيكونون قد أخطأوا من جِهَتَيْنِ وَلَو أَنهم غذوه فِي الِابْتِدَاء وَكَانَ دلك خطأ وغلطاً كَانَ غَلطا دون هَذَا الْغَلَط ويعرض لأولئك المرضى أَن يصيبهم نزلات فجة ومرارية وسهر لإقلاق عدم النضج ويتقلقلون ويتململون ويهدون وتضغط الْموَاد قواهم وتكثر بخاراتهم فيسمعون مَا لَيْسَ ويتقلبون فِي الْفراش ويتخيل لَهُم مَا لَيْسَ وترتعش وتختلج شفاههم السفلانية لوجع فَم الْمعدة وتحزن نُفُوسهم لثقل الْمعدة. فصل فِي القانون فِي سقِِي السكنجبين وَمَاء الشّعير إِن مَاء الشّعير مِنْهُ مَا لَيْسَ فِيهِ من جرم الشّعير إِلَّا كالقوة وَالصُّورَة وَإِنَّمَا يكون لَهُ مدْخل فِي العلاج ومطمع فِي النَّفْع إِذا كَانَ قد استوفى الطَّبْخ وأجوده أَن يكون المَاء قدر عشْرين سكرجة. وَالشعِير سكرجة وَاحِدَة وَقد رَجَعَ إِلَى قريب من الْخمسين وَيُؤْخَذ الْأَحْمَر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015