جلاؤه أقل من جلاء الْعَسَل وَكَذَلِكَ السكنجبين السكّري وَلَكِن الِاقْتِصَار على السكنجبين رُبمَا أورث سحجاٌ وَهَذَا مخوف فِي الْأَمْرَاض الحادة وَنحن نجْعَل لسقي مَاء الشّعير والسكنجبين كلَاما مُفردا وتلطيف التَّدْبِير يَقْتَضِيهِ طبع مَادَّة الْمَرَض وتمكين الطبيعة من إنضاجها وتحليلها واستفراغها وَأولى الْأَوْقَات بالتلطيف الْمُنْتَهى فهنالك يشْتَد اشْتِغَال الطبيعة بِقِتَال الْمَادَّة فَلَا يَنْبَغِي أَن تشغل عَنْهَا بِشَيْء آخر وخصوصاً عِنْد البحران وَأما قبل ذَلِك فَإِن الْقِتَال لَا يكون استحكم وَمِمَّا يَقْتَضِي التلطيف أَن يكون إِلَى فصد أَو إِطْلَاق بطن وحقنة أَو تسكين وجع حَاجَة فَحِينَئِذٍ يجب أَن يفرغ من قَضَاء تِلْكَ الْحَاجة ثمَّ يغذَى إِن وَجب الْغذَاء وَلم يكن مَانع آخر وتغليظ التَّدْبِير تَقْتَضِيه الْقُوَّة وَأولى الْأَوْقَات بالتغليظ الْوَقْت الَّذِي لَا تكون الْقُوَّة مشتغلة فِيهِ جدا بالمادة وَهُوَ أَوَائِل الْعلَّة وَيجب أَن يتدارك ضَرَر التَّغْلِيظ بِالتَّفْرِيقِ فَإِنَّهُ أَيْضا أخف على الْقُوَّة والصيف لتحليله يحوج إِلَى زِيَادَة تغذية وتفريق فَإِن الْقُوَّة لَا تفي بهضم الْكثير دفْعَة وَلِأَن التَّحْلِيل فِيهِ بالتفاريق فَيجب أَن يكون الْبَدَل بالتفاريق. وَفِي الشتَاء الْأَمر بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لقلَّة تَحْلِيله لَا يحوج إِلَى بدل كثير ثمَّ إِن أعطي الْبَدَل دفْعَة كَانَت الْقُوَّة وافية بِهِ فَفَزِعت عَنهُ دفْعَة والخريف زمَان رَدِيء وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَن يتلطف فِيهِ بَين حفظ الْقُوَّة وَبَين قهر الْمَادَّة والتفريق قَلِيلا قَلِيلا أولى فِيهِ وَبِالْجُمْلَةِ التَّفْرِيق مَعَ ضعف الْقُوَّة أولى. وَاعْلَم أَنه لَوْلَا تقاضي الْقُوَّة لَكَانَ الأوجب أَن يلطف الْغذَاء أبلغ تلطيف لَكِن الْقُوَّة لَا تحْتَمل ذَلِك وتخور وَإِذا خارت لم ينفع علاج فَإِن المعالج كَمَا علمت هُوَ الْقُوَّة لَا الطَّبِيب أما الطَّبِيب فخادم يُوصل الْآلَات إِلَى الْقُوَّة وَإِذا تصورت هَذَا فَيجب أَن ينظر فَإِن كَانَت الْعلَّة حادة جدا وَذَلِكَ أَن يكون مُنْتَهَاهَا قَرِيبا وحدست أَن الْقُوَّة لَا تخور فِي مثل مُدَّة مَا بَين ابتدائها إِلَى مُنْتَهَاهَا خففت الشّغل على الْقُوَّة وسلطتها على الْمَادَّة وَلم تشغلها بالغذاء الكثيف بل لطفت التَّدْبِير وَلَو بترك الطَّعَام أصلا وخصوصاً فِي يَوْم البحران. وَإِن رَأَيْت الْمَرَض حاداً لَيْسَ جدا بل حاداً مُطلقًا فَيجب أَن يلطف لَا فِي الْغَايَة إِلَّا عِنْد الْمُنْتَهى وَفِي يَوْم البحران خَاصَّة إِلَّا بِسَبَب عَظِيم وَإِن رَأَيْت الْمَرَض مزمناً أَو قَرِيبا منَ المزمن لم تلطف التَّدْبِير فَإِن الْقُوَّة لَا تسلم إِلَى الْمُنْتَهى مَعَ تلطيف التَّدْبِير لكنه يلزمك مَعَ ذَلِك فِي جَمِيع الْأَصْنَاف أَن يكون أول تدبيرك أغْلظ وَآخر تدبيرك الموافي للمنتهى ألطف وتتدرّج فِيمَا بَين ذَلِك حَتَّى تكون الْقُوَّة مَحْفُوظَة إِلَى قرب الْمُنْتَهى فهناك ترسل على الْمَادَّة وَلَا تشغل بغَيْرهَا. وَإِذا علمت أَن الْقُوَّة قَوِيَّة فِي بِمَا أوجب الْحَال أَن يقْتَصر على الْجلاب وَنَحْوه وَلَو أسبوعاً وخصوصاً فِي حمّيات الأورام فَإِن خفت ضعفا اقتصرت على مَاء الشّعير وَإِذا أشكل عَلَيْك الْحَال فِي الْمَرَض فَلم تعرفه فَلِأَن تميل إِلَى التلطيف أولى من أَن تميل إِلَى الزِّيَادَة مَعَ مراعاتك للقوة وَالِاحْتِمَال. وَالَّذِي زعم أَن التغذية والتقوية فِي الْمَرَض