ملاحم الصراع بين الحق والباطل والهدى الظلال، وأشرت إلى جهود السلاجقة في حماية العراق وبلاد الشام من التشيع الرافضي، ودور المدارس النظامية في الإحياء السني وتقليص المد الشيعي الرافضي وأعداد الكوادر اللازمة لقيادة حركة المقاومة ضد الغزاة الصليبيين وبينت جهود نور
الدين السياسية والعسكرية والفكرية للقضاء على الدولة الفاطمية وقد تّم ذلك على يدي صلاح الدين الذي تدرج في إلغاء الخلافة الفاطمية وفق رؤية استراتيجية وضعها القاضي الفاضل بالتعاون مع القيادة النورية وقد تّم بيانها في هذا الكتاب.
إن من الدروس المهمة من هذا الكتاب معرفة المشاريع المتصارعة في عهد الزنكيين، فقد كانت ثلاثة تتطاحن على قدم وساق، وهي المشروع الصليبي والذي تتزعمه الكنيسة من عهد أوربان الثاني والمشروع الشيعي الرافضي بقيادة الدولة الفاطمية بمصر والمشروع الإسلامي الصحيح وحامل لوائه نور الدين زنكي، فكانت المحاور التي سار عليها أهل السنة دولة وشعباً، تعميق الهوية العقائدية السنية والإحياء الإسلامي الصحيح في نفوس الأمة، والتصدي لشبهات المذهب الشيعي، وإعداد الأمة لمقاومة الصليبيين، وكانت المحاور متداخلةمن حيث السير إلا أن تحرير بيت المقدس والقضاء على الصليبيين في معركة حطين لم يتم إلا بعد القضاء على الدولة الفاطمية سياسياً وعسكرياً وقد سبقها الانتصارات العقائدية والفكرية والثقافية والتاريخية والحضارية للمذهب السني.
إن الذين استطاعوا تحرير بيت المقدس وانتزاع المدن والقلاع والحصون من الصليبيين هم الذين تميزوا بمشروعهم الإسلامي الصحيح وعرفوا خطر المشاريع الباطنية الدخيلة فتصدوا لها بكل حزم وعزم.
وعلى كل من يتصدى لقيادة الأمة في المواقف السياسية والتصريحات الإعلامية عليه أن يدرس كتاب ربه وسنة نبيه وهدى الخلافة الراشدة وحركة التاريخ الإسلامي وحقيقة الصراع بين هذه المشاريع المتباينة، كي يساهموا في توعية الأمة، وإزالة الجهل عنها ومعرفة أعدائها.
إن ما يحدث في العراق ولبنان من صراع بين المشروع الصليبي والصهيوني والإيراني الشيعي وعدم التركيز والدعم المطلوب للمقاومة الإسلامية في العراق وفلسطين يبرهن على أن الكثير من القيادات السياسية والفكرية والشرعية والإعلامية غير مستوعبة لما حدث من صراع بين المشاريع في حركة التاريخ ويدل على ذلك ما حدث في لبنان صراع بين المشروع الإيراني الشيعي والمشروع الأمريكي الصهيوني حيث أهملت المقاومة الإسلامية العراقية السنية والمقاومة الإسلامية الفلسطينية إعلامياً وسياسياً ومادياً لصالح المشروع الإيراني الشيعي.