بقول الغير من غير حجة، ثم قال: ولا يرجع عنه بعد تقليده اتفاقاً، وفي حكم آخر: المختار جوازه لنا، للقطع بوقوعه، ولم ينكر. انتهى لأن قوله: وفي حكم آخر، يراد به حادثة أخرى أعم من أن تماثل ما فعله أو تخالفه، وان أريد به ما يخالفه فقط. فلنا المنع، وكذا الكلام على عبارة "جمع الجوامع"، وسنذكر ما يحقق هذا إن شاء الله تعالى؛ فهذا قد علمت به جواز التقليد بعد العمل في جنس ما عمل به بخلافه، ثم رأيت موافقة هذا في مؤلف للسيد الشريف علي السمهودي سماه "العقد الفريد في أحكام التقليد": المختار أن كل مسألة اتصل عمله بها فلا مانع من إتباع غير مذهبه الأول، وبه يعلم ما في إطلاق حكاية الاتفاق على المنع، ولعل المراد: اتفاق الأصوليين.

ثم إن كان المراد منع الرجوع حيث عمل في واقعة عين تلك الواقعة المقتضية لما يحدث بعدها من جنسها؛ فهو ظاهر، كحنفي سلم شفعة بالجوار عملا بعقيدته، ثم عن له تقليد الشافعي حين ينزع العقار ممن سلم له، فليس له ذلك، كما أنه لا يخاطب بعد تقليده للشافعي بإعادة ما مضى من عباداته التي يقول الشافعي ببطلانها؛ لمضيها على الصحة في اعتقاده فيما مضى، فلو اشترى هذا الحنفي بعد ذلك عقاراً من آخر، وقلد الشافعي في عدم القول بشفعة الجوار؛ فلا يمنعه ما سبق منه أن يقلده في ذلك، فله أن يمتنع من تسليم العقار الثاني، فان قال الآمدي، وابن الحاجب، ومن تبعهما بالمنع في مثل هذا، وعمموا في جميع صور ما وقع العمل به أولا، فهو مسلم، ودعوى الاتفاق عليه ممنوع.

ففي الخادمي: إن الإمام الطرطوسي حكي أنه أقيمت صلاة الجمعة، وهم القاضي أبو الطيب الطبري بالتكبير، فإذا طائر يزرق عليه، فقال: أنا حنبلي، ودخل في الصلاة وانتهى. ومعلوم أن من كان شافعياً يتجنب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015