الشرنبلاني الحنفي، قد ورد سؤال في رجل حنفي المذهب، يسيل منه دم أو نحوه، أراد تقليد الإمام مالك في عدم نقض الوضوء بذلك الخارج، وتقليده أيضاً في عدم النقض بالمس (?) الذي لا لذة معه، كما قال الإمام أبو حنيفة مطلقاً، فهل يجوز له التقليد؟ وما الحكم في ذلك؟ ابسطوا لنا الجواب، ولكم الثواب من الكريم الوهاب.
فأجبت: يجوز التقليد من غير تقييد بالعذر مجانباً للتلفيق، مصاحباً للتوفيق بالتحقيق، وسأذكر عن أئمتنا جواز ذلك بجملة من الفروع، كقول أهل الأصول، إن شاء الله تعالى، وجمعته بهذه الأوراق امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر بجمع العلم والتقييد، وسميته "العقد الفريد لبيان الراجح من الخلاف في جواز التقليد"، راجياً من الله القبول؛ فهو خير مسئول وأكرم مأمول.
فقلت: نعم يصح تقليد الإمام مالك: في عدم نقض الوضوء بما يسيل، من دم، وقيح، سواءً كان من المخرج أو غيره، وسواء كان التقليد لمعذور أو سالم من العذر، وسواء كان التقليد بعد الإتيان بما يخالفه من مذهب أبي حنيفة، أو قبل العمل به.
ولكن على المقلد الإتيان بما هو مسنون أو مستحب عند الإمام أبي حنيفة، وهو شرط عند الإمام مالك، كأن يتوضأ ناوياً، مرتباً، موالياً غسله، مدلكاً جسده، فإن قلت: كيف هذا مع قول العلامة كمال الدين ابن الهمام في "تحريره"?
مسألة: لا يرجع فيما قلد فيه، أي عمل به اتفاقا. انتهى.
قلت: لا يمنع ذلك ما قلته من صحة التقليد، لحمل المنع على خصوص العين لا خصوص الجنس، وهذه المسألة ذكرها الآمدي، وابن الحاجب أبو عمر عثمان في الأصول، وتبعه في جميع ذلك غيره، ونصه