فالإجماع الذي نقله غير واحد على منع تقليد الصحابة، يحمل على ما فقد فيه شرط من ذلك، ويشترط لصحة التقليد أيضاً أن لا يكون مما لا ينقض فيه قضاء القاضي، هذا بالنسبة لعمل نفسه، لا للإفتاء والقضاء؛ فيمتنع إجماعاً كما يعلم مما يأتي، لأنه محض تشبه وتغرير، ومن ثم قال السبكي: إذا قصد لمصلحة دينية؛ جاز مع تنبيه للمستفتي قائل ذلك، وعلى ما اختل فيه شرط مما ذكر يحمل قول السبكي: ما خالف النص؛ كمخالف الإجماع، ويشترط أيضاً اعتقاد أرجحية مقلده، أو مساواته لغيره. انتهى.

الحمد لله الذي جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، ووضع عنا الآصار والأغلال، وطهرنا من رجس المخالفة والأدناس، وجعل العلماء المجتهدين بين الأنام أعلاماً، مهد بهم قواعد الشرع، وأوضح بآرائهم معضلات الأحكام إكراماً؛ لينال الفلاح من اتبع واحداً منهم إلى يوم الواقعة؛ إذ اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة، تضيء القلوب بنور أفكارهم، وتسعد النفوس باتباع آثارهم؛ فله الشكر على فضله المزيد، وله الحمد على نعمه التي لا تحصى، وأعلاها كلمة التوحيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرد بالكمال، وتوحد بالإيجاد والإكمال، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ذخيرتنا إذا انقطعت الأوصال، وتواصلت العلائق وعرضت الأعمال، ولم يبق إلا المجازات والاقتصاص والمن بفضل الملك المتعال، والصلاة والسلام على هذا النبي الكريم الرؤوف الرحيم القائل: "بعثت بالحنيفية السمحة السهلة".

وقال أيضاً: الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وعلى إله الكرام وصحبه المرتقين أشرف مقام إلى قيام الأنام.

وبعد: فيقول العبد الواثق بكرم ربه، الوافي أبو الإخلاص، حسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015