كما في "شرح أصول بن الحاجب": العامي هو غير المجتهد، إذا عمل بقول المجتهد في حكم مسألة؛ فليس له الرجوع إلى غيره اتفاقاً، لأنه التزم ذلك القول بالعمل به. وأما قبل العمل؛ فله الرجوع إلى غيره اتفاقاً، لأنه التزم ذلك القول بالعمل به. وأما قبل العمل؛ فله الرجوع إلى غيره من المجتهدين. انتهى. ونظر فيه بما في كلام غير ابن الحاجب، والآمدي وموافقيهما بما يشعر بإثبات الخلاف بعد العمل؛ فله التقليد بعد العمل بقول من قلده، كما في "حاشية العلامة ابن أبي شريف" وغيرها، وسنذكر عن أمير حاج "شارح التحرير"، وتبعه في "شرحه" السيد بادشاه ما نصه:
قال الزركشي: ليس كما قالا، يعني الآمدي وابن الحاجب، ففي كلام غيرهما ما يقتضي جريان الخلاف بعد العمل أيضا. انتهى.
أي قلنا: إتباع القائل بجواز التقليد بعد العمل بقول غير من قلده وعمل به، وأيضاً القائل بالمنع ليس كلامه على إطلاقه؛ لأن القول بالمنع من صحة التقليد بعد العمل محمول على ما إذا بقي من آثار الفعل السابق أثر يؤدي إلى تلفيق العمل بشيء مركب من مذهبين، لقول العلامة المحقق ابن حجر في "شرح المنهاج": يتعين حمله، أي حمل ما قاله ابن الحاجب، والآمدي، على ما إذا بقي من آثار العمل الأول ما يلزم عليه مع الثاني ترك حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين، كتقليد الإمام الشافعي في مسح بعض الرأس، والإمام مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة، كما لو أفتى ببينونة زوجته في نحو تعليق، فنكح أختها، ثم أفتى بأنه لا بينونة، فأراد أن يرجع للأولى ويعرض عن الثانية من غير إباتنها، وكان أخذ بشفعة الجوار تقليداً للإمام أبي حنيفة، ثم استحقت عليه فأراد تقليد الإمام الشافعي في تركها؛ فيمتنع، لأن كلاً من الإمامين