فقد فعل ما هو مأذون له فيه من حاكم شرعي، فليس لحاكم آخر منعه، ولا الحكم بإبطاله لو وقع.
ويحتمل أن يكون كالمسألتين الأخيرتين؛ لأن التغيير إلى الآن لم يقع، ولا يلزم من إذن الحنفي له بالتغيير وقوعه؛ فقد يغير وقد لا يغير، فلا يدخل ذلك بعد الحكم بالموجب؛ فإن الحنفي لو وجه حكمه الآن إليه بعينه، وقال: حكمت بموجب التغيير أو صحته؛ لم يصح، لأنه حكم على الشيء قبل وقوعه، وقد تحرر الفرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب؛ أن الحكم بالصحة متوجه إلى نفس العقد صريحاً وإلى آثاره تضمناً، وإن الحكم بالموجب متوجه إلى آثاره صريحاً، وإلى نفس العقد تضمناً؛ فليس أحدهما أقوى من الآخر إلا على مالا بحثه من توجه الحكم بالموجب إلى صحة العقد وجميع آثاره صريحاً. فإن الصحة من موجبه؛ فيكون الحكم بالموجب حينئذ أقوى مطلقاً، لسعته وتناوله الصحة وآثارها، والله أعلم بالصواب، انتهى كلام الشيخ ولي الدين العراقي.
وكن عالماً أن القضاء فضيلة ... وأجر عظيم للمحق المؤيد
لأمر بمعروف وكشف ظلامه ... وإصلاح ذات البين مع زجر معتد
إذا بذل الجهد المحق وإن يصب ... يفز بأجرين والمخطي له واحد قد
ولابد من قاض لفصل خصومة ... مع الخطر البادي العظيم المشدد
ومع ذلك فالحكم فرض كفاية ... وعين إذا (ما) لم يجد غير مفرد
وفي كل إقليم على ذي إمامة ... إقامة قاض خير أهل التقلد
حوى لأصول الفقه ثم فروعه ... فمن نحوه فهماً أن الأكثر أشهد
له أنه أهل الفتاوى والقضا ... ومن نحوه في موضع فيه قلد
وقد يكتفي في وقتنا - ذا ضرورة- ... ببعض الذي قالوا لفقد المعدد