فساده؛ قوى الحكم بالصحة على الحكم بالموجب.
قلت: قوله: فيما إذا كان النزاع في الآثار واللوازم أن الحكم بالموجب رافع للخلاف.
محله أن يكون ذلك بعد دخول وقته ووجود سببه، وتمكنه من الحكم بذلك الشيء بعينه، فأدرجناه في الحكم بموجبه الذي هو من صيغ العموم، لأنه من جملة أفراده، وقد جاء وقته، وقد قدمنا الأمثلة في ذلك بحيث اتضح الحال فيه، وقد عرفت الكلام معه فيما ذكر أن الحكم فيه بالصحة أقوى من الموجب؛ لترتب آثاره عليه مع فساده كالوكالة؛ فأغنى ذلك عن إعادته.
وقد ظهر بذلك أن حكم الحنفي بموجب التدبير؛ يمنع الشافعي من الحكم بجواز بيعه، وحكم الشافعي بموجب الدار التي لها جار؛ يمنع الحنفي من تجويز الأخذ بالشفعة، وحكم الشافعي بموجب الإجارة؛ لا يمنع الحنفي من الحكم بعد موت المؤجر بانفساخها، وحكم الحنفي والمالكي بموجب تعليق طلاق امرأة على التزوج بها؛ لا يمنع الشافعي من الحكم بدوام العصمة واستمرارها بعد وقوع التزويج بها.
والفرق بين المسائل ما قدمناه من أن الحكم في الصورتين الأوليين على الشيء بعد وقوعه، ولهذا صح توجيه الحكم إليه بعينه.
وفي الصورتين الأخيرتين الحكم على الشيء قبل وجوده، ولهذا لم يصح توجيه الحكم فيها إلى ذلك الشيء بعينه كما قدمناه.
ولنذكر مثالاً آخر فيه الوقف، وهو فيما إذا أوقف إنسان، وجعل لنفسه التغيير فيه، والزيادة فيه، والنقص منه، وحكم حنفي بموجبه، ثم وقع منه التغيير، هل للشافعي المبادرة بعد التغيير إلى الحكم بإبطاله؟
يحتمل أن تكون كالمسألتين الأوليين؛ فيمتنع على الشافعي الحكم فيه بالبطلان، لأن حكم الحنفي بموجبه يتضمن الإذن للواقف في التغيير،