قلت: هذه الصورة الثالثة ممنوعة، والفرق بينها وبين الصورتين قبلها؛ أنه وقع الحكم فيها بالموجب بعد دخول وقته فيقدم، لأنه لما حكم فيها بموجب التدبير؛ فقد منعه من البيع الذي يسوغه الشافعي، ولما حكم بموجب شراء الدار التي لها جار؛ فقد منع الجار من الأخذ بالشفعة؛ فامتنع ذلك عليه، كما لو وجد الحكم إلى ذلك صريحاً، فإنه ينفذ ويعمل به، ولا فرق بين الحكم بالشيء بخصوصه، وبين الحكم بصيغة تمامه؛ فشمله.
وأما الصورة الثالثة: لما حكم الشافعي فيها بموجب الإجارة قبل موت المؤجر؛ لم يكن توجه حكمه إلى عدم الانفساخ؛ لأنه لم يجيء وقته، ولم يوجد سببه. ولو وجد الحكم إليه، فقال: حكمت بعدم انفساخ الإجارة، إذا مات المؤجر؛ لم يكن ذلك حكما، وكيف يحكم على ما لم يقع، ولا يدري هل يقع، أم لا؟
فتسمية هذا حكما، إما جهلا، وإما تجوزا، كما قدمناه في حكم المالكي والحنفي بموجب تعليق الطلاق في امرأة معينة على التزويج بها قبل التزويج بها؛ فإنه لا يدخل في موجبه وقوع الطلاق بعد التزويج، فإن التزوج إلى الآن لم يقع، وقد يوجد؛ فلا يمكن الحكم على معدوم، ولم يدخل في الوجود، فهذه الصورة وتلك من واد واحد، فإذا ظهر ما ذكرناه من الفرق؛ عرفت المسائل واتضحت، ولم يشكل منها شيء.
وذكر شيخنا أن ضابط ذلك أن المتنازع فيه، إن كان صحة ذلك الشيء، وكان لوازمه لا تترتب إلا بعد صحته؛ كان الحكم بالصحة رافعاً للخلاف، واستويا حينئذ، وإن كان المتنازع فيه الآثار واللوازم؛ كان الحكم بالصحة غير رافع للخلاف.
وكان الحكم بالموجب رافعاً، ويوجب الموجب حينئّذ، إن ترتب مع