قلت: من جملة موجبها ومقتضاها صحتها عند الشافعي. ولو لم يرض الخصم اللازم؛ فقد تناوله حكمه، ولا نسلم قول الحنفي: إن الشافعي جرد حكمه اللازم، ولم يتعرض لصحة الملزوم ولا بطلانه، بل قد تعرض لها ضمناً، كما اعترف به الشيخ، أو صريحاً، كما أعتقد؛ لأن الصحة من جملة الواجب، فقد دخل بالموجب، لأنه مفرد مضاف؛ فيعم جميع الواجب، ولو كان التوكيل عند الشافعي فاسداً كالوكالة المعلقة؛ لم يسغ له الحكم بموجب الوكالة اعتماداً على صحة التصرف؛ لعموم الإذن، لما ذكرناه من أن جملة الواجب الصحة، والوكالة المذكورة؛ فلم يثبت جميع موجبها، فإذا حكم؛ فليوجه حكمه إلى ما يترتب من الآثار، وهو صحة التصرف، ولا يأتي بصيغة تعم جميع الواجب؛ لفساد ذلك.

القسم الثاني: له أمثلة:

منها: لو حكم الحنفي بصحة التدبير؛ لم يمتنع على الشافعي الحكم بالبيع، لأنه عند الشافعي صحيح، ولكن يباع، فلو حكم بموجب التدبير؛ لم يكن للشافعي الحكم بالبيع، لأن موجب التدبير عنده عدم البيع.

ومنها: لو حكم الشافعي بصحة شراء الدار التي لها جار؛ فإنه يسوغ للحنفي أن يحكم بأخذ الدار بالشفعة، لأن البيع عنده صحيح مسلط لأخذ الجار، كما يقول الشافعي في بيع أحد الشركاء. ولو حكم الشافعي بموجب شراء الدار المذكورة؛ فليس للحنفي أن يحكم بأخذها، لأن موجبه عنده دوامه واستمراره.

ومنها: لو حكم شافعي بصحة إجارة، ثم مات المؤجر؛ كان للحنفي إبطالها بالموت (?). ولو حكم بموجب الإجارة؛ لم يكن للحنفي الحكم بإبطالها بالموت، لأن موجبها الدوام والاستمرار للورثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015