بوقوع الطلاق إن تزوجها؛ لم يصادف ذلك محلاً، وعد سفهاً وجهلاً، وكيف يحكم الإنسان بالشيء قبل وقوعه، فيقول: حكمت بصحة بيع هذا العبد لو وقع بشروطه، وبصحة نكاح هذه المرأة لو وقع بشروطه، بخلاف قول الحنفي في المدبر بعد تدبيره: حكمت بمنع بيعه؛ فإنه حكم صحيح على مذهبه، وقع في محله ووقته؛ فنفذ ولم يجز نقضه، فأفهم ذلك فإنه حسن، وقع بسبب عدم تدبره خبط في الأحكام.

وقد ظهر أن توجيه الحنفي والمالكي حكمه إلى وقوع الطلاق على التي لم يتزوج بها بحال، وحكمه بمنع التزوج بها أفسد منه؛ فإن النكاح صحيح بلا توقف، وإنما الكلام في وقوع الطلاق بعد صدور النكاح، ولا يدري (?) هل يكون بينهما نكاح أم لا؟ فلا يمكن توجيه الحكم إلى منع الحاكم كما وجه الحنفي حكمه إلى منع بيع المدبر، ولا إلى وقوع الطلاق من عصمة من لا يدري هذه تقع في الوجود أم لا؟ فإن نفس الطلاق لم يقع قبل النكاح، وإنما وقع تعليقه خاصة، والتعليق غير موقع في الحال؛ فكيف يحكم على شيء لو وجد بشيء لم يقع؟ وهذا واضح لصاحب العملية الخالي من العصبية، وقس على هذين المثالين بقية الأمثلة؛ فقد عرفت الذي أوجب الفرق بينهما.

الفرق الثاني بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب: إن الحكم بالصحة لا يختص بأحد، والحكم بالموجب يختص بالمحكوم عليه بذلك.

قلت: وفي هذا الفرق أيضاً نظر، فإذا وقف الإنسان شيئاً من أملاكه على نفسه، ومات قبل الحكم بصحته وبطلانه، فأراد بعض ورثته أن يبيعه، فمنعه حنفي، وحكم بموجب الوقف المذكور؛ لم يختص ذلك الحكم به في صحته. فلو أراد وارث آخر أن يبيع حصته منه؛ لم يصح، وكيف يصح ذلك بعد حكم الحنفي بموجبه؟ فلو بادر شافعي وحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015