من غير تنصيص عليها، لا لعموم ولا لخصوص. وإن حكم بالموجب؛ فقد أتى بصيغة شاملة لجميع أحكامه؛ فإن صيغة العموم في تناولها بكل فرد فرد كلية، فكأنه ينص (?) بذلك على جميع آثاره. فإن قلت: فهل شربت عليه بذلك جميع آثاره المتفق عليها والمختلف فيها.
قلت: أما المتفق عليها؛ فلا يحتاج فيها إلى الحكم. وأما المختلف فيها، فما كان منها قد جاء وقت الحكم فيه؛ نفذ، وما لم يجيء وقت الحكم فيه؛ لم ينفذ.
مثال الأول: أن يحكم حنفي بموجب التدبير، فمن موجبه منع بيع المدبر؛ فقد حكم الحنفي بذلك في وقته، لأنه منع سيد المدبر من بيع عبده المدبر، فليس له بمقتضى الحكم المذكور الإقدام على بيعه بمنع الحاكم له من ذلك، وليس للشافعي أن يأذن له بعد ذلك في بيعه لما فيه من نقض حكم الحنفي بمنع البيع، ولا أن يحكم بصحة بيعه، فإن ارتكب ببيعه محرماً قد منعه منه جائز الحكم؛ فصار المدبر في هذا الحكم كأم الولد.
الثاني: أن يعلق طلاق امرأة أجنبية منه على التزويج بها، فيحكم مالكي أو حنفي بموجبه، فإذا تزوج بها، فبادر شافعي، وحكم باستمرار العصمة وعدم وقوع الطلاق؛ نفذ حكمه، ولم يكن ذلك نقضاً لحكم الحاكم الأول بموجب التعليق، لأن حكم الأول لم يتناول وقوع الطلاق لو تزوج بها؛ فإنه أمر لم يقع إلى الآن، فكيف يحكم على ما لم يقع؟ والحكم إنما يكون في شخص، فما هذا منه إلا فتوى، وتسميته حكماً جهل أو تجوز مفت به أن هذا حكم الشرع عنده، لا أنه (?) ثبت وألزم به، وكيف يلزم بما لم يقع؟ ومما يوضح ذلك انه لو لم يأت بصيغة عموم وهو الموجب، بل حكم هذه المجرد به خاصة، فقال: حكمت