عند إرادة أحد الورثة بيع حصته بموجب الوقف المذكور، وهو البطلان عنده؛ لم يكن لحاكم حنفي بعد ذلك الحكم بمنع بيع الووارث الآخر حصته مع حكم الشافعي ببطلان الوقف المذكور، هذا بعيد، والله أعلم.
الفرق الثالث: إن الحكم بالصحة يقتضي استيفاء الشروط، والحكم بالموجب لا يقتضي استيفاء الشروط، وإنما مقتضاه صدور ذلك الحكم على المصدر؛ لموجب ما صدر عنه.
قلت: وفيه نظر أيضاً؛ فقد قمت عن شيخنا المذكور أنه استنبط من مسألة اقتناع القاضي من القسمة، فيما إذا لم تقم بينة بأنه ملك طالبها؛ أن الحكم لا يقع بصحة ولا موجب إلا بعد استيفاء الشروط، وهذا الفرق هو الذي يعمل به الناس الآن، وفيه ما قدمته. ثم إن في تعبير الشيخ عن هذا الفرق نظر، وكان ينبغي: التعبير بالحكم بالصحة متوقف على ثبوت أن المتعاطي لذلك التصرف استوفى الشروط فيه. فإذا رفع إلى القاضي بيع لا يحكم بصحته من حيث شروط البيع، من كون المبيع ظاهراً، منتفعاً به، مقدوراً على تسليمه، مملوكاً للعاقد أو لمن له العقد، معلوماً، بخلاف الحكم بالموجب؛ فلا يتوقف على ثبوت استيفاء الشروط. وليت شعري كيف يكون حكم القاضي ينوب جميع الآثار ثابتاً، فيما إذا لم يثبت أن العاقد استوفى الشروط؟ ! هذا مما لا يعقل، والله أعلم.
الفرق الرابع: إنه إذا كان العقد الصادر صحيحاً باتفاق (?)، ووقع الخلاف في موجبه، فالحكم بالصحة لا يمنع الحكم بموجبه عند غير الحاكم بالصحة. ولو حكم فيه بالموجب؛ امتنع العمل بموجبه عند غير الحاكم بالموجب.
قلت: ولا بأس بهذا الفرق، لكن إطلاقه في الموجب أنه يمتنع العمل