الصحة بأنها استتباع الغاية، أي كون الشيء بحيث تتبعه غايته، ويترتب وجودها على وجوده. فإنه حكم بالصحة؛ فقد حكم بترتب آثاره عليه، لأنه هذا هو معنى الصحة، ولا يقال في الحكم بالموجب: إنه منصب على الآثار خاصة، وكيف تثبت الآثار بدون المؤثر لها؛ فالحكم بثبوت الآثار مرتب على الحكم بثبوت المؤثر بلا شك، فلولا صحة ذلك العق؛ لما حكم ذلك القاضي بترتيب آثاره؛ فالصواب يتضمن الحكم بالموجب الحكم بالصحة، وإلا لما ترتب الآثار بالصحة في الحكم الجامع لجميع الآثار، وحينئذ فظاهر، استوى الحكم بالصحة والحكم بالموجب؛ لأنه لا يحكم إلا بموجب ما صح، دون ما فسد، ولا يصح بالشيء وتختلف آثاره عنه، فإذا حكم بالصحة؛ فقد حكم بترتيب آثاره عليه.

والتحقيق أن الحكم بالموجب يتناول الآثار بالتنصيص عليها، للإتيان بلفظ عام يتناول جميع آثارها؛ فإن موجب الشيء هو مقتضاه، وهو مفرد مضاف؛ فيعم كل موجب، بخلاف لفظ الصحة؛ فإنه إنما يتناول الآثار بالتضمن، لا بالتنصيص عليها، ومقتضى ذلك أن يكون الحكم بالموجب هو أعلى، وهو بخلاف الاصطلاح، وكان الحكم بالصحة إنما علت مرتبته عندهم لاختصاصه بما يثبت به وجود الشرط، وانحطت مرتبة الحكم بالموجب عندهم لثبوت (?) الشروط فيه، لكن هذا راجع إلى الاصطلاح فيما أظن، ولا يظهر للفرق المذكور معنى من جهة اللغة، ولا من جهة الشرع؛ فلا ينبغي من حاكم يحكم إلا بحجة معتبرة، إما بينة، وإما علم، وإما قرار الخصم الذي هو صاحب اليد، وإما يمين المدعي المردودة بعد نكول الخصم، سواء كان ذلك بإقرار أو بينة، وإنما نازعت شيخنا في استنباط هذا من مسألة القسمة، لا في أصل الحكم؛ فإني أوافق عليه. فإذا قامت البينة فحكم بالصحة؛ فقد يترتب غايته عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015