وإذا كان الرزق على من يؤم في هذا المسجد، أو يؤذن، فعرض له مانع شرعي فاستخلف، فمن المستحق للرزق؟ هل هو الخليفة أو المستخلف؟ قيل: هو للمباشر. وقياسه بالجعالة والإجارة يقتضي أنه للمستخلف لأن عمل هذا النائب يقع عنه ... إلى أن قال:
قلت: فإن كان الوقف على طبقات، فالذي ينبغي أنه لا يجوز أخذ فائدته قبل وقت استحقاقها، مثل قبض الأجرة قبل استيفاء المنفعة، وقطع الثمر قبل بدو صلاحه، لأن الموقوف عليه لم يستحق بعد، ولا يعلم هل هو المستحق للمستقبل أو البطن الثاني، بخلاف ما إذا كان على جهة، كالفقراء، فإن الاستسلاف لهم يشبه استسلاف الزكاة لأهل السهمان.
وإذا كان على جهة يراد عملها، كالإمام والمتعلمين، فالاشبه أنه لا يجوز الاستسلاف إلا لضرورة إبقاء العمل بحيث لا يوجد متبرع ...
إلى أن قال: فلو وقف رجل أماكن متعددة على جهة واحدة، صرف من فوائد بعضها في عمارة بعض. ولو وقفها على جهات، لم يجز ذلك، لأن المستحق متعدد.
ولو وقف رجال أملاكاً على جهة مثل أن يوقفوا على مسجد، فهل يجب أو يجوز أن يعمر بعضها من فائدة بعض؟ الذي ينبغي جواز ذلك بل وجوبه، لأن المستحق واحد. وإذا اتحد فلا اعتبار بعدد المتصدق، وقد يقال: هذا مستلزم أن يعمر وقف الانسان بوقف غيره، ومثل ذلك إنشاء عمارة للجهة من وقفه، فهل يجوز أن يبتدأ من فائدة الوقف عمارة. فإن لم يجز ذلك، فعمارة وقف الانسان بالنسبة إلى وقفه ابتداء عمارة، لأن هذا المال قد وجب صرفه في الجهة، فصرفه في العمارة صرف له في غير وجهه، ولأن بعض الناس قد يقف أصولا ضعيفة، فيجب صرف فائدة وقف غيره إلى وصول وقفه. وقد يقال: على هذا يجوز