ومنها أن يستولي الكفار على الموقوف ولا يعرف صاحبه إلى أن يقسم.
ومنها أن الأوقاف إذا تقادم عهدها، مثل اربعمائة سنة، أو خمسمائة سنة وأقل من ذلك، تختلف الأيدي عليها وتبقى بأيدي ناس آخرين يتصرفون فيها تصرف الملاك كالوقوف التي كانت للصحابة بالمدينة، والبقيع، وخيبر، بل وكسائر المسلمين قديما، فإن أكثر تلك الأوقاف لم تبق معروفة العين، مع القطع بأنها موجودة في أرض محدودة، فالمجهول كالمعدوم، فما جهل عينه أو وصفه، صار بمنزلة عدم الوقف فيه، كالعين المقلوطة. وكذلك لو عرف عين الأرض بأنها كانت وقفا، وقد انقطعت حجة ثبوت ذلك، صار ذلك عند حكام المسلمين.
وما جهل عند الحكام، لم يحكمه به، وصار هذا بمنزلة الملتقط لو سقط من صاحبه بعد. وإن غيره كان حلالا للملتقط، وهذا كما قلنا: إن القذف الذي لا يثبت عند الحاكم، يكون صاحبه كما قال الله تعالى: "لولا جآؤا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون" 24/ 13 فقدم الحجة تجعل المطابق غير مطابق في حكم الله، وكذلك تجعل المملوك غير مملوك في حكم الله باطناً وظاهرا، وإلا فتحريمه على المسلمين باطناً وجعله شبهة، نوع فساد، فإنه لا يباح إلا لمن كان وقفا عليه أو ملكا له. فإذا لم نبحه لغيره كان حراما على جميع الناس، وهذا خلاف قواعد الشريعة. انتهى.
من فتاوى الشهاب ابن حجر: إذا شرط الواقف أن يفرق كذا يوم عاشوراء، فهل يلزم؟ وإذا تعذر التفريق فيه يؤخر لعاشوراء الثاني، أم لا؟