ونحو ذلك مع تقادم عهده، كأن قد تعطل نفعه. وكذلك يجوز الصلح عنه ببعضه، بمنزلة بيع بعضه، لعمارة باقية. والمدعى عليه إذا غلب على ظنه أن الوقف ينزع منه، أو تكافأ الأمران، جاز له أن يدفع بعضه أو بعض ريعه ليحفظ به الباقي، بمنزلة الظالم من الملوك والقطاع الذين لا يمكن دفعهم عنه إلا بمال. ويكون ذلك بمنزلة استهدامه وتداعيه للخراب، والدفع عنه بمنزلة إصلاحه ورم شعثه، إذ حفظ الملك فيه أولى من عمارة عينه. وإذا كان هذا في الوقف، ففي مال اليتيم أولى، والوكيل أولى، لأن رقبته تقبل النقل، ويظهر لي لزوم ذلك في حق اليتيم والموكل، لأن عليه نوع معاوضة، أو دفع ضرورة.

قال: ومثل هذا لازم من جهة المتصرف. فأما في الوقف، فقد يقال: لا يلزم في حق بقية البطون لتعلق حقهم بالرقبة. فإذا تركت أو بذلت لغيرهم، كان لهم الطلب فيما بعد. وقد يقال: بل هذا من المعاوضة الضرورية، كالمعاوضة عن بعضه بعمارة باقية، والمعاوضة به إذا تعطل نفعه، وكمبادلة المسجد بمسجد آخر، وهذا أشبه بأصلنا فإنا نصحح مصير الوقف طلقا في مواضع الحاجة.

وأما في مواضع المصلحة، ففيه خلاف، أعني خروج العين الموقوفة عن الوقف، بأن تصير ملكا أو وقفاً آخر، ونقل حكمها إلى عين أخرى إن أمكن، وهذا يكون لأسباب: منها: بيعه عند الحاجة أو المبادلة به، وكذلك عند المصلحة على قول. ومنها: إتلافه أو تلفه تحت اليد العادية، فينتقل الحكم إلى بدله ضرورة، كما لو قتل الحيوان الموقوف، أو تلف المنقول، أو البناء، أو الغراس، بل نفس الأرض الموقوفة، كالموقوفة على جانب نهر كبير، إذا أدخل في ذلك النهر، فإن العقار يمكن اتلافه، ولهذا قلنا: يضمن بالغصب، ففي القسم الأول حصل العوض عنه بالشرط، وهنا بالشرع، وهنا فات عينه، وهناك عينه قد تكون باقية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015