لأنهن يتعاطين بيعها كثيرا، وبالاختلاط بالمرد، لملازمتهم لمواضعها، ولسماع الغيبة والكلام الفاحش، والكذب الكثير من الأراذل الذين يجتمعون لشربها ما يسقط المروءة بالمواظبة عليها. ومنها أنهم يتلهون عن صلاة الجماعة بها، ولوجود ما يلهي من شطرنج ونحوه في مواضعها.
ومنها ما يرجع لذات الشارب، أخبرني والدي حفظه الله عن العارف بالله أحمد زروق أنه سئل عنها في ابتدائها أول أمرها، فقال: أما الإسكار فليست مسكرة، ولكن من كان طبعه السوداء والصفراء، يحرم عليه شربها، لأنها تضر به في بدنه وعقله. ومن كان طبعه البلغم، فإنها توافقه.
وقد كثر في هذه الأيام فيها الجدال، وانتشر فيها القيل والقال، وحدث بسببها فتن وشرور، واختلف فيها متأخروا العلماء وتصانيفهم، ونظمت في ذمها ومدحها القصائد، فالذي يتعين على العاقل أن يتجنبها بالكلية إلا لضرورة شرعية. ومن سلم من هذه العوارض كلها الموجبة للحرمة، فإنها ترجع في حقه إلى أصل الإباحة. وقد عرضت هذا الكلام على سيدي الشيخ العارف بالله محمد بن عراق، وعلى سيدي الوالد أعاد الله علينا من بركتهما، فاستحسناه وأمرا بكتابته. وإنما قلت هذا الكلام لأني لم أر من استوعب في ذلك. انتهى كلام الخطاب. وقد نقله بتمامه الإمام العلامة إبراهيم اللقاني، وأقره في رسالته المسماة "بنصيحة الاخوان باجتناب الدخان" والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
ولأبي مسعود المفتي في الروم:
أقول لإخواني عن القهوة انتهوا ... ... ولا تجلسوا في مجلس هي فيه
وما ذاك عن بعض ولا عن ملالة ... ولكن غدت مشروب كل سفيه
ومن الوقف، قال في "شرح الإقناع" بعد كلام له سبق: ووقف الهازل، ووقف التلجئة، إن غلب على الوقف جهة التحرير من جهة أنه