عن العالم الرباني الشيخ زروق المغربي المالكي أنه قال: لا إسكار فيها، وإنما فيها ضرر بعقل أو بدن ذي السوداء والصفراء، وبما تقرر، علم أن الحزم لكل ذي مروءة ودين اجتنابها، واجتناب مخالطة أهلها، لفساد أقوالهم وأحوالهم، واشتمالهم على قبائح لا تخفى على ذي بصيرة، اللهم إلا أن يكون ذلك لضرورة شرعية. ومن ثم نقل لي بعض العلماء الثقات الأفاضل عن شيخنا - خاتمة المحققين - زكريا الأنصاري أنه كان يشربها للباسور، وأن ذلك المخبر كان يحضرها للشيخ لذلك، وأنه للشيخ: ومن الناس من يزعم إسكارها، فسقه ذلك القول، وشنع على قائله. انتهى كلام ابن حجر.
وفي "شرح مختصر الشيخ خليل المالكي" للإمام العلامة محمد ابن عبد الرحمن الخطاب ما نصه:
فائدة: ظهر في هذا القرن أو قبله بيسير شراب يتخذ من قشر البن يسمى قهوة، واختلف الناس فيه، فمن مغال يرى أن شربه قربة، ومن قائل يرى أنه مسكر كالخمر.
والحق أنه في ذاته لا إسكار فيه، وإنما فيه تنشيط للنفس، ويحصل بالمداومة عليه ضراوة تؤثر في البدن عند تركه، كمن اعتاد أكل اللحم بالزعفران والمفرحات، فيتأثر عند تركه ويحصل له انشراح في استعماله. غير أنه تعرض له الحرمة لأمور: منها أنهم يجتمعون عليها ويديرونها كما يديرون الخمر، ويصفقون وينشدون أشعارا من كلام القوم، فيها الغزل وذكر المحبة، وذكر الخمرة وشربها، فيسري إلى النفس التشبه بأصحاب الخمر خصوصا لمن كان يتعاطى مثل ذلك، فيحرم حينئذ شربها لذلك مع ما ينضم لذلك من المحرمات. ومنها أن بعض من يبيعها يخلطها بشئ من المفسدات، كالحشيشة ونحوها على ما قيل. ومنها أن شربها في مجامع أهلها يؤدي بالاختلاط بالنساء،