رجل له آخر حق إلى أجل، فطالب صاحب الحق حقه، فأمر به على آخر، وأمر الآخر آخر بلا لفظ حوالة. أيقوم هذا مقام الحوالة بلا لفظها، أم لا؟ أم يكون في ذمة الأول؟
أجاب ابن عطوة: إذا كان قصده الحوالة بهذا اللفظ، وفهم الآخر منه الحوالة وقبلها، فهي حوالة صحيحة، وإن لم يأت بلفظها، فإن العقود من الإجارة، والبيع، والهبة، والحوالة ونحوها، تنعقد بما يتعارف الناس بينهم، ولا يشترط لها لفظ معين. انتهى.
وله أيضا قوله: والحوالة على ماله في الديوان، إذن في الاستيفاء فقط. قلت: والذي يفعله أهل بلادنا من المر المجرد عن لفظ الحوالة، إذن في الاستيفاء فقط، فلا يكون حوالة. ولو أتى بلفظها جاهلا معناها، لم يترتب عليه مقتضاها، ومن أنكر البيع وادعى الإقالة، سمعت دعواه لأجل اليمين، ويكون مقراً بالبيع بلا إقامة بينة، وكذا من أنكر سبب الحق ثم ثبت وادعى اسقاطه. انتهى.
إذا أتى الحاكم رجل عنده رهن لغائب أو ممتنع، فالذي نعمل به، وعليه العمل، أن يدفعه إلى الحاكم، فإذا ثبت دينه، باعه الحاكم وأوفاه من ثمنه، وإلا فلا. لكن إن كان المدعي ثقة، وسأل الحاكم، وقال له: وليتك على بيع مال فلان الغائب، وقضاء ما عليه من دين ثابت لك أو لغيرك، فهذا يجوز له الأخذ من ثمنه باطناً، ويجوز ذلك الكلام من الحاكم، قاله شيخنا.
قال في "الآداب الكبرى" لابن مفلح: نص الإمام والأصحاب على صحة ضمان دين المفلس، وقال في أثناء كلام له عن ابن عقيل: والحق في الذمة كدين معين، لا يسقط بموته، ولا يأثم بالتأخير لدخوله النيابة، لجواز الابراء وقضاء الغير عنه، وقيل له: لو وجبت الزكاة، لطولب بها في الآخرة، ولحقه المأثم كما لو أمكنه، فقال: هذا لا يمنع ثبوت الحق