حديد، أنه يرجع بالغلط على المقدم، قاله شيخنا.

من "الإفصاح" لعون الدين بن هبيرة: واتفقوا على أن المكيلات المنصوص عليها مكيلة أبداً، وهي: البر، والشعير، والتمر، والملح، لا يجوز بيع بعضها ببعض إلا كيلا. والموزونات المنصوص عليها، موزونة أبداً، وأما ما لم ينص على تحريمه التفاضل فيه كيلا ولا وزنا، فاختلفوا فيه، فقال أبو حنيفة: المرجع فيه إلى عادات الناس بالبلد الذي هم فيه. وقال مالك والشافعي وأحمد: المرجع فيه إلى عرف الحجاز في عهده صلى الله عليه وسلم، فما كانت العادة فيه بالمدينة، الكيل لم يجز إلا كيلا في سائر الدنيا، وما كانت العادة فيه الوزن بمكة، لم يجز إلا وزنا في سائر الدنيا، وأما ما ليس له عرف هناك احتمل رده إلى أقرب الأشياء به شبها بالحجاز، واحتمل أن يعتبر بالعرف في موضعه.

وهذا فإنما يعني به فيما يباع من تمر بتمر، فيكون المعيار فيما بينهما الكيل. فأما قولهم: الكيل كيل المدينة، والميزان ميزان مكة، فإن أصل المسلمين الذي بنوا عليه في بيع التمر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بالمدينة، وذلك التمر يتسير كيله فإنه ينبت في أرض لا تغشاها المياه، فيكون تمرها في الغالب يابسا يتأتى كيله، ويكون المعيار فيه الذي يكشف الصحة ويحرز المماثلة هو الكيل. فأما التمور التي بسواد العراق وغيرها من الأراضي التي تتجلاها المياه، فإنها لا يتصور فيها المماثلة في الكيل، ولا يتحرز إلا بالوزن. والذي أراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثبت عنه كيل التمر بالمدينة، فإنه يستفاد منه بأصل المماثلة، وأن لا يؤخذ من ذلك شئ إلا بمعيار، فيكون فيما يتهيأ كيله، الكيل، وفيما لا يتهيأ كيله، الوزن، وكذلك القول في ميزان مكة.

فأما الذهب كيلاً ووزناً وصبراً، فإن ذلك جائز. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015