والإخلاص للحق. نقاه من العجب والتعاظم والتكبر على الناس، وحلاه بحلية التواضع التي هي خير لباس. نقاه من الغش والغل والحقد، وجمله بإرادة الخير والنصح لكل أحد. نقاه من الميل إلى المعاصي، وهو مرض الشهوات، ومن أمراض الشكوك والريب والشبهات، وجمله بالعقل الراجح لفعل الخيرات، والإقلاع المصمم الصادق عن المحرمات، وسعى في العلوم النافعة الجالبة لليقين، وتحصيل الأدلة الصحيحة والبراهين.
فبذلك يتم شفاؤه من الأهواء والأدواء، وبذلك يحصل فلاحه ويستقيم على الهدى، ولا يحصل له ذلك إلا بتوفيق وإعانة من المولى، قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21] وكان صلى الله عليه وسلم يتضرع إلى ربه في طلب التقوى وتزكية النفس، من كل رديء فيقول: «اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها» . فحقيق بك أيها العبد الجد في تزكية نفسك لتنال الفلاح، وتستعين الله على إصلاح قلبك فإنه الجواد الفتاح، فإن الله لا ينظر إلى الصور والأموال، وإنما ينظر برحمته إلى القلوب الطاهرة وصادق الأعمال.