فالغضب مثل السَّبع إِذا أفلته صَاحبه بَدَأَ بِأَكْلِهِ والشهوة مثل النَّار إِذا أضرمها صَاحبهَا بدأت بإحراقه وَالْكبر بِمَنْزِلَة مُنَازعَة الْملك ملكه فَإِن لم يهلكك طردك عَنهُ والحسد بِمَنْزِلَة معاداة من هُوَ أقدر مِنْك وَالَّذِي يغلب شَهْوَته وغضبه يفرق الشَّيْطَان من ظله وَمن تغلبه شَهْوَته وغضبه يفرق من خياله
الْجُهَّال بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته المعطلون لحقائقها يبغضون الله إِلَى خلقه ويقطعون عَلَيْهِم طَرِيق محبته والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ من حَيْثُ لَا يعلمُونَ وَنحن نذْكر من ذَلِك أَمْثِلَة تحتذي عَلَيْهَا فَمِنْهَا أَنهم يقررون فِي نفوس الضُّعَفَاء أَن الله سُبْحَانَهُ لَا تَنْفَع مَعَه طَاعَة وَإِن طَال زمانها وَبَالغ العَبْد وأتى بهَا ظَاهره وباطنه وَأَن العَبْد لَيْسَ على ثِقَة وَلَا أَمن من مكره بل شَأْنه سُبْحَانَهُ أَن يَأْخُذ الْمُطِيع المتقي من الْمِحْرَاب إِلَى الماخور وَمن التَّوْحِيد والمسبحة إِلَى الشّرك والمزمار ويقلب قلبه من الْإِيمَان الْخَالِص إِلَى الْكفْر ويروون فِي ذَلِك آثَار صَحِيحَة لم يفهموها وباطلة لم يقلها الْمَعْصُوم ويزعمون أَن هَذَا حَقِيقَة التَّوْحِيد ويتلون على ذَلِك قَوْله تَعَالَى لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَقَوله أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ وَقَوله وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلبه ويقيمون إِبْلِيس حجَّة لَهُم على هَذِه الْمعرفَة وَأَنه كَانَ طَاوُوس الْمَلَائِكَة وَأَنه لم يتْرك فِي السَّمَاء رقْعَة وَلَا فِي الأَرْض بقْعَة إِلَّا وَله فِيهَا سَجْدَة أَو رَكْعَة لَكِن جنى عَلَيْهِ جاني الْقدر وسطا عَلَيْهِ الحكم فَقلب عينه الطّيبَة وَجعلهَا أَخبث شَيْء حَتَّى قَالَ بعض عارفيهم أَنَّك يَنْبَغِي أَن تخَاف الله كَمَا تخَاف الْأسد الَّذِي يثب عَلَيْك بِغَيْر جرم مِنْك وَلَا ذَنْب أَتَيْته إِلَيْهِ ويحتجون بقول النَّبِي إِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها ويروون عَن بعض السّلف أكبر الْكَبَائِر لَا الله من مكر الله والقنوط من رَحْمَة