قَالَ يحيى بن معَاذ عجبت من ثَلَاث رجل يرائي بِعَمَلِهِ مخلوقا مثله وَيتْرك أَن يعمله الله وَرجل يبخل بِمَالِه وربه يستقرضه مِنْهُ فَلَا يقْرضهُ مِنْهُ شَيْئا وَرجل يرغب فِي صُحْبَة المخلوقين ومودتهم وَالله يَدعُوهُ إِلَى صحبته ومودته
ارْتِكَاب النَّهْي لِأَن آدم نهي عَن أكل الشَّجَرَة فَأكل مِنْهَا فَتَابَ عَلَيْهِ وإبليس أَمر أَن يسْجد لآدَم فَلم يسْجد فَلم يتب عَلَيْهِ قلت هَذِه مَسْأَلَة عَظِيمَة لَهَا شَأْن وَهِي أَن ترك الْأَوَامِر أعظم عِنْد الله من ارْتِكَاب المناهي وَذَلِكَ من وُجُوه عديدة أَحدهَا مَا ذكره سهل من شَأْن آدم وعدو الله إِبْلِيس الثَّانِي أَن ذَنْب ارْتِكَاب النَّهْي مصدره فِي الْغَالِب الشَّهْوَة وَالْحَاجة وذنب ترك الْأَمر مصدره فِي الْغَالِب الْكبر والعزة وَلَا يدْخل الْجنَّة من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من كبر ويدخلها من مَاتَ على التَّوْحِيد وَإِن زنى وسرق الثَّالِث أَن فعل الْمَأْمُور أحب إِلَى الله من ترك الْمنْهِي كَمَا دلّ على ذَلِك النُّصُوص كَقَوْلِه أحب الْأَعْمَال إِلَى الله الصَّلَاة على وَقتهَا وَقَوله أَلا أنبئكم بِخَير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد مليككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير لكم من أَن تلقوا عَدوكُمْ فتضربوا أَعْنَاقهم ويضربوا أَعْنَاقكُم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ ذكر الله وَقَوله اعلموا أَن خير أَعمالكُم الصَّلَاة وَغير ذَلِك من النُّصُوص وَترك المناهي عمل فَإِنَّهُ كف النَّفس عَن الْفِعْل وَلِهَذَا علّق سُبْحَانَهُ الْمحبَّة بِفعل الْأَوَامِر كَقَوْلِه {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صفا} {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وَقَوله {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} وَأما فِي جَانب المناهي فَأكْثر مَا جَاءَ النَّفْي للمحبة وَقَوله {وَاللَّهُ لَا يحب الْفساد} وَقَوله {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فخور} وَقَوله {وَلا تَعْتَدُوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} وَقَوله {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا من ظلم} وَقَوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ}