أَجْمَعِينَ ووعده لأهل الْإِيمَان بِالْجنَّةِ وَأَن هَذَا لَا يُبدل وَلَا يخلف قَالَ ابْن عَبَّاس يُرِيد مالو عدي خلف لأهل طَاعَتي وَلَا أهل معصيتي قَالَ مُجَاهِد قد قضيت مَا أَنا قَاض وَهَذَا أصح الْقَوْلَيْنِ فِي الْآيَة وفيهَا قَول آخر أَن الْمَعْنى مَا يغيّر القَوْل عِنْدِي بِالْكَذِبِ والتلبيس كَمَا يغيّر عِنْد الْمُلُوك والحكّام فَيكون المُرَاد بالْقَوْل قَول المختصمين وَهُوَ اخْتِيَار الْفراء وَابْن قُتَيْبَة قَالَ الْفراء الْمَعْنى مَا يكذب عِنْدِي لعلمي بِالْغَيْبِ وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة أَي مَا يحرف القَوْل عِنْدِي وَلَا يُزَاد فِيهِ وَلَا ينقص مِنْهُ قَالَ لِأَنَّهُ قَالَ القَوْل عِنْدِي وَلم يقل قولي وَهَذَا كَمَا يُقَال لَا يكذب عِنْدِي فعلى القَوْل الأوّل يكون قَوْله {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} من تَمام قَوْله {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لدي} فِي الْمَعْنى أَي مَا قلته ووعدت بِهِ لَا بُد من فعله وَمَعَ هَذَا فَهُوَ عدل لَا ظلم فِيهِ وَلَا جور وعَلى الثَّانِي يكون قد وصف نَفسه بأمرين أَحدهمَا أَن كَمَال علمه واطلاعه يمْنَع من تَبْدِيل القَوْل بَين يَدَيْهِ وترويج الْبَاطِل عَلَيْهِ وَكَمَال عدله وغناه يمْنَع من ظلمه لعبيده ثمَّ أخبر عَن سَعَة جهنّم وَأَنَّهَا كلّما ألْقى فِيهَا تَقول هَل من مزِيد وَأَخْطَأ من قَالَ أَن ذَلِك للنَّفْي أَي لَيْسَ من مزِيد والْحَدِيث الصَّحِيح يردّ هَذَا التَّأْوِيل ثمَّ أخبر عَن تقريب الْجنَّة من الْمُتَّقِينَ وَأَن أَهلهَا هم الَّذين اتصفوا بِهَذِهِ الصِّفَات الْأَرْبَع إِحْدَاهَا أَن يكون أوابا أَي رجَّاعاً إِلَى الله من مَعْصِيَته إِلَى طَاعَته وَمن الْغَفْلَة عَنهُ إِلَى ذكره قَالَ عبيد بن عُمَيْر الأوّاب الَّذِي يتَذَكَّر ذنُوبه ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهَا وَقَالَ مُجَاهِد هُوَ الَّذِي إِذا ذكر ذَنبه فِي الْخَلَاء اسْتغْفر مِنْهُ وَقَالَ سعيد بن المسيّب هُوَ الَّذِي يُذنب ثمَّ يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ يَتُوب الثَّانِيَة أَن يكون حفيظا قَالَ ابْن عبّاس لما ائتمنه الله عَلَيْهِ وافترضه وَقَالَ قَتَادَة حَافظ لما استودعه الله من حقّه وَنعمته وَلما كَانَت النَّفس لَهَا قوّتان قُوَّة الطّلب وَقُوَّة الْإِمْسَاك كَانَ الأواب مُسْتَعْملا لقُوَّة الطّلب فِي رُجُوعه إِلَى الله ومرضاته وطاعته والحفيظ مُسْتَعْملا لقُوَّة الْحِفْظ فِي الْإِمْسَاك عَن مَعَاصيه ونواهيه فالحفيظ الممسك نَفسه عَمَّا حرّم عَلَيْهِ والأوّاب الْمقبل على الله بِطَاعَتِهِ الثَّالِثَة