وإنما أخاف فتنة السوط، فسمعه بعض أهل الحبس، فقال: لا عليك يا أبا عبد الله فما هو إلا سوطان، ثم لا تدري أين يقع الباقي، فكأنه سرى عنه.
قال أبو عبد الله: ما رأيت أحدًا على حداثة سنه، وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، إني لأرجو أن يكون قد ختم له بخير، قال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله, الله، الله، إنك لست مثلي، أنت رجل يُقتدى بك .. قد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك فاتق الله واثبت لأمر الله، أو نحو هذا.
قال رجل للحَكَم: ما حمل أهلَ الأهواء على هذا؟
قال: الخصومات.
وقال معاوية بن قرة: إياكم وهذه الخصومات فإنها تحبط الأعمال، وقال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء، أو قال: أصحاب الخصومات، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.
ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟
قال: لا.
قالا. أفنقرأ عليك آية؟
قال: لا لتقومان عني أو لأقومنَّ فقاما.
فقال بعض القوم: يا أبا بكر، وما عليك أن تقرأ عليك آية؟
قال: خشيت أن تقرأ آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي.
وقال رجل من أهل البدع لأيوب: يا أبا بكر أسألك عن كلمة؟
فولى، وهو يقول بيده: لا، ولا نصف كلمة.