وليس هذا التقدير من إعطاء المعدوم حكم الموجود، والأمرُ عكسُه.
499 - قوله بعد ذلك في (المثال السابع): (وأما نبوة الأنبياء، فمن جَعَل (النبي) بمعنى: المُنبئ عن الله، فإنه يقدّرها في حال سكوت النبي عن الإنباء، ويحققها في حال ملابسته للإنباء. ومن جَعَل (النبي) بمعنى: المُنْبَأ المُخْبَر، كانت النبوة عبارةً عن تعلق إنباء الله به) (?).
يقال عليه: الصواب: الإمساك عن الخوض في ذلك. والذي يجب اعتقاده أن النبي لا يزال باقيًا على نبوّته، لأن الغفلة مستحيلة عليه، ولم يَبْقَ إلا حالين: النوم، والموت. وللأنبياء فيهما ما ليس لغيرهم.
500 - قوله بعد ذلك: (فإن قيل: ما معنى قوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؟ [الفلق: 5] فالجواب: أن الحسد الحكمي لا يضرّ المحسودَ لغفلة الحاسد عنه. والحسدُ الحقيقي هو الحاثّ على أذية المحسود. فقوله -سبحانه وتعالى-: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ} صالح للحسد الحكمي والحقيقي) (?).
يقال فيه: ولك في الجواب مسلكٌ آخر، وهو أن العُلقة بين الحاسد والمستعيذ، إنما تكون حال حسده الحقيقي، ولا عُلقةَ بينهما إذا خلا عن حسده الحقيقي بغفلة ونحوها وإن كان متعلقًا بالحسد الحكمي، فلذلك خَصّ الحالة التي تكون فيها العُلقة فيها.
501 - قوله: (المثال الثاني عشر: الذمم، وهي تقدير أمر في الإنسان يصلح للالتزام والإلزام من غير تحقق له) (?).