في الكرخ ببغداد، كل ذلك منافسة لإسماعيل بن عباد1، ويقول ابن خلكان عن تلقبه بلقب الصاحب: وهو "أول من لقب بذلك اللقب من الوزراء؛ لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، وذكر الصابي في كتاب التاجي أنه إنما قيل له الصاحب؛ لأنه صحب مؤيد الدولة ابن بويه منذ الصبا وسماه الصاحب، فاستمر عليه هذ اللقب واشتهر به"2.
وقد كان الصاحب معجبًا بفنه تياهًا به، واستغل فيه هذا الجانب خصمه أبو حيان التوحيدي، فثلبه أقبح ثلب3، ومن ثلبه له ما يقصه من أن رجلًا من أهل الشام "ورد إليه، فكان فيما استخبره عنه: رسائل من تقرأ عندكم؟ فقال: رسائل ابن عبد كان، قال: ومن؟ قال: رسائل الصابي، وغمزه أحد جلسائه ليقول رسائل الصاحب، فلم يفطن الرجل، ورآه الصاحب، فقال: تغمز حمارًا لا يحس"4. ويقول التوحيدي أيضًا: إنه كان في مجلسه شخص يسمى أبا طالب العلوي، "وكان إذا سمع منه كلامًا يسجع فيه، وخبرًا ينمقه؛ ويرويه، يبلق عينيه، وينشر منخريه، ويري أنه غشي عليه حتى يرش على وجهه ماء الورد، فإذا أفاق قيل: ما أصابك، ما عراك، ما الذي نالك وتغشاك؟ فيقول: ما زال كلام مولاي يروقني، ويونقني حتى فارقني لبي، وزايلني عقلي، وتراخت مفاصلي وتخاذلت عرى قلبي، وذهل ذهني وحيل بيني وبين رشدي، فيتهلل وجه ابن عباد عند ذلك وينتفش"5، ويظهر أنه كان يسجع في حديثه وكلامه، ويقص الرواة طرفًا له في ذلك كثيرة6. يقول أبو حيان: "وكان كلفه بالسجع في الكلام والقول، عند الجد والهزل، يزيد على كلف كل من رأيناه في هذه البلاد، قلت لابن المسيبي: أين يبلغ ابن عباد في عشقه للسجع؟ قال: يبلغ به ذلك لو أنه رأى سجعة تنحل بموقعها عروة