الحاهليين عرفوا الكتابة الفنية، إنما الذي نستطيع أن ندعيه لهم حقا -عن طريق الوثائق الصحيحة- هو الأمثال، فقط أكثروا من ضربها، وهناك كتب مشهورة تتخصص ببحثها، وبجانب الأمثال نعرف أنه كان لهم خطابة وخطب كثيرة،

وقد أخذت الخطابة عندهم صورتهم: صورة اجتماعية عامة في منافراتهم ومفاخراتهم، ومجامعهم وأسواقهم وحروبهم، وصورة خاصة في سجع الكهان، وما كان ينزلق على ألسنتهم أثناء تكهنهم.

وقد سلمت لنا طائفة واسعة من الأمثال تناقلتها أجيالهم، والأجيال التي تلتها في الإسلام مما أتاح لها أن تحتفظ بصورتها الجاهلية، ومعروف أن الأمثال لا تتغير بل تظل طويلا على هيئتها التي صيغت عليها، وأما الخطابة وسجع الكهان، فضاعت نصوصهما إلا قليلا جدًّا، إذ بقيت بعض قطع وبعض صيغ منثورة في ثنايا الكتب التاريخية والأدبية، وما دمنا بصدد درس النثر الجاهلي فلا بد من تعقب هذه الفروع الثلاثة من الأمثال والخطابة وسجع الكهان، لنرى -بمقدار ما تسعفنا النصوص- ما أتيح لكل منها من صناعة فنية، وبراعة أدبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015