والزبر: الكتب. ويقول الأخنس بن شهاب التغلبي1:
لابنة حطان بن عوف منازل ... كما رقش العنوان في الرق كاتب
الرق: الجلد الرقيق، ويقول سلامة بن جندل الفارس المعروف2:
لمن طلل مثل الكتاب المنمق ... خلا عهده بين الصليب فمطرق
وقد رد شعراء البادية هذه الصورة كثيرًا في شعرهم3. وما من ريب في أن ذلك يؤكد أن الكتابة كانت معروفة في العصر الجاهلي، ولكن هذه المعرفة شيء، وأن العرب أحدثوا بها آثار فنية مكتوبة شيء آخر، هم عرفوها، ولكنها معرفة محدودة، فلم يكتبوا بها كتبا ولا قصصًا ولا رسائل أدبية، وإنما كتبا بها بعض أغراضه تجارية وأخرى سياسية، ولذلك لم يكن غريبا أن تشيع في مكة؛ لأنها كانت مركزا تجاريا عظيما، ويحدثنا الجاحظ أنهم كانوا يكتبون بعض عهودهم السياسية، وكانوا يسمون تلك العهود المكتوبة "مهارق"4، وقد جاء ذكر هذه المهارق في معلقة الحارث بن حلزة مشيرا بها إلى ما كتب من عهود بين بكر وتغلب، إذ يقول:
واذكروا حلف ذي المجاز وما قـ ... ـدم فيه العهود والكفلاء
حذر الجور والتعدي وهل ينـ ... ـقض ما في المهارق الأهواء
وإذا فالعرب استخدموا الكتابة في العصر الجاهلي لأغراض سياسية وتجارية، ولكنهم لم يخرجوا بها إلى أغراض أدبية خالصة تتيح لنا أن نزعم أنه وجد عندهم لون من ألوان الكتابة الفنية، ومن المؤكد أن الكتابة لم تكن حينئذ تؤدي بجانب أغراضها السياسية، والتجارية أغراضها أدبية، أو فنية من تجويد وتحبير، إذ لم تكن أكثر من كتابة ساذجة أدت أغراضها خاصة في عصرها، وانتهت بانتهاء هذا الغرض.
ومما لا شك فيه أنه لا يوجد تحت أيدينا وثائق نستطيع أن ندعي بها أن