شعراء عصره، ويظهر أنه كان ينتجع الولاة في دمياط والمحلة والإسكندرية، كما يتبين من القطعة التي رواها ابن سعيد، وكانت -كما يقول- له عليهم وعلى غيرهم رسوم كثيرة. ومن يقرأ ما رواه ابن سعيد من شعره يلاحظ أنه كان يكثر فيه من التصنع للعلوم، كالمثال الذي مر سابقًا. وكان يتصنع بجانب ذلك للاقتباس من القرآن الكريم كقوله1:

أرى الإسكندرية ذات حسنٍ ... بديعٍ ما عليه من مَزِيدِ

حلَلَت بظاهرٍ منها كأنِّي ... حلَلَتُ هناك جنَّات الخلودِ

فلا بئرٌ معطلة وكم قد ... رأيتُ هناك من قصرٍ مشيدِ

وبإزاء ذلك نراه يكثر في شعره من ألوان الجناس والطباق، وكان يعنى عناية خاصة بالتورية ولا سيما باسمه، وكذلك كان يقلده الحمامي وسراج الدين الوراق في التورية باسميهما2. ويظهر أن الجزار كان خفيف الروح جدًّا فشعره مليء بالفكاهات والدعابات التي تعبر عن هذا الجانب في عصره، وأنه كان عصر تنادر وتفكه؛ فمن ذلك قوله في نِصْفيَّة3:

لي نصفيةٌ تعدُّ من العُمْـ ... ر سنينًا غسَلْتُها ألفَ غسلةْ

ظلَمَتْها الأيامُ حكمًا فأضْحَتْ ... في العذابِ الأليمِ من غيرِ زَلَّةْ

كلَّ يوم يحوطُها العصرُ والدَّ ... قُّ مرارًا وما تقر بجملة

فهي تعتلُّ كلما غسلوها ... ويزيل النِّشاءُ تلك العلَّة

أين عيشي بها القديمُ وذاك التِّـ ... يهُ فيها وخطرتي والشَّملةْ

حيث لا في أجنابها رقعةٌ قـ ... طُّ ولا في أكمامها قطُّ وصلةْ

قال لي الناس حين أطنبتُ فيها ... بسِّ أكثرت خَلَّها فهي بقلةْ

ويصف دارًا له متهدمة فيقول4:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015