فلهذا يجفُّ بعد اخضرارٍ ... قبل روض الوهاد روض الرَّوابي
ويقول في تحبب الرحلة ومفارقة الأوطان:
وطول مقام المرء في الحي مخلقٌ ... لديباجتيه فاغترب تتجدد1
فإني رأيت الشمس زيدت محبة ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد2
وانظر إليه يخاطب صاحبته وهي تلومه على الارتحال، وما يلقى فيه من أهوال:
أعاذلتي ما أخشنَ الليل مركبًا ... وأخشن منه في الملمَّات راكبهْ
ألم تعلمي أن الزّماع على السُّرى ... أخو النُّجْح عند النائبات وصاحبهْ3
ذريني وأهوال الزمان أُفانها ... فأهوالُه العُظمى تليها رغائبهْ4
دعيني على أخلاقي الصمِّ للتي ... هو الوفر أو سِربٌ ترنّ نوادبه5
فإن الحسام الهندواني إنما ... خشونتُه ما لم تفلَّل مضاربه6
وعلى هذه الشاكلة كان يعرف كيف يقنع بقياسه في أحرج المواقف، وليس هناك موقف أحرج من الشيب حين تشتعل به الرأس، وقد استطاع أن يخلص من هذا الموقف مصورًا أسى صاحبته عليه، ضاربًا لها أقيسته الفنية الطريفة، يقول:
يومي من الدَّهرِ مثل الدهر مشتهرٌ ... عزمًا وحزمًا وساعي منه كالحقبِ
فأصغري أن شيبًا لاح بي حدثًا ... وأكبري أنني في المهد لم أشِبِ
فلا يؤرقك إيْماضُ القتير به ... فإن ذاك ابتسام الرأي في الأدب7